(فصل): فيما للمتولي فعله:
  هو صاحب المنفعة كالموقوف عليه أو متول غيره كمتولي المساجد لا فرق في ذلك أنها تبطل ولايته بذلك ولا يصح التأجير.
  واعلم أن الإجارة لا تبطل وتبطل أيضاً الولاية إلا حيث كان الوقف غير مستفيض، أو كانت الأجرة من الدراهم أو الدنانير، أو من الغلة ولا يقاسم بل يوصل إلى بلد المتولي من دون أن يذهب للمقاسمة، أما لو كان الوقف مستفيضاً بحيث لا يقدر التباسه بالملك، أو كانت الأجرة تؤخذ من الغلة ويقاسم المتولي أو نائبه المستأجر في كل سنة كما هو عرف جهاتنا في الأرض - فلا بأس بتأجيرها ثلاث سنين فما فوق إن رأى في ذلك صلاحاً للوقف، وكذا لو عزم على الإشهاد في كل سنة(١) والعزم يوم عقد الإجارة فلا بأس أيضاً؛ لعدم حصول الالتباس، فإن لم يعزم من يوم العقد بل كان يشهد في كل سنة على ذلك من دون عزم يوم العقد فقد انطوى العقد على الفساد، وهو حيث لم يعزم على ذلك ولو حصل الإشهاد بعد في كل سنة.
  وضابطه: أن يعمل في طول المدة وقصرها بالصلاح، فما رأى فيه صلاحاً فعله حيث لا يعارضه مفسدة من الالتباس ونحوه زائدة على المصلحة أو مساوية، كما هو المقرر في كتب الأصول أن المصلحة في كل شيء تنخرم بحصول مفسدة راجحة أو مساوية، والله أعلم.
  (و) الأمر السابع: أن يلزمه (العمل بالظن) وذلك (فيما التبس) عليه (مصرفه) يعني: مصرف الوقف الذي هو متول عليه، وذلك إذا لم يحصل له علم بالمصرف رجع إلى الظن، فما ظنه مصرف ذلك الوقف عمل به، لكن لا يرجع إلى الظن إلا إذا لم يكن قبله من المتولين ثقات وهم عاملون في المصرف بالعلم لا الظن [أما إذا كان قبله من هم كذلك] فإنه يقدم علمهم على ظن نفسه، فإن كان الذي قبله من المتولين الثقات لم يعملوا في تعيين المصرف إلا بالظن فظنه أقدم من ظنهم.
  فتحصل أنه يعمل بما علمه، فإن لم يكن عالماً رجع إلى علم من قبله من المتولين،
(١) في شرح الأزهار (٧/ ٢٦٣): في كل ثلاث سنين.