(كتاب الوديعة)
  عندها أو خادمه كذلك، والعبرة بحال ذلك الوديع في أنه يضع مثل تلك العين عند ذلك الشخص لنفسه أوْ لا، فإن وضع الوديعة عند من يحفظ مثلها من مال نفسه عنده من ولد أو خادم أو زوجة فذلك الذي يلزمه، كأن يقبض ولده أن يوصل ذلك إلى بيته فلا بأس؛ لحصول ذلك في مال نفسه، والمعتبر أن يأمره أن يوصلها إلى مكان يحفظ مثلها من ماله في ذلك المكان من مخزان أو صندوق وإن لم يكن عليه قفل إذا كان حرزاً لمثلها، ولا عبرة بكونه يسكن ذلك المكان أو غيره مهما قد كان حرزاً لمثلها.
  فَرْعٌ: فإن منعه مالك الوديعة من دفع الوديعة إلى من يحفظ المال عنده من ولده ونحوه لم يلزم الوديع المنع من ذلك، ولا يضمن بالدفع إليهم - والله أعلم - مهما كان المدفوع [إليه] يحفظ مثلها معه.
  (و) من التعدي أيضاً: (إيداع) للعين المودعة عنده (وسفر) بها، فإذا أودع العين المودعة عنده أو سافر بها بريداً (بلا عذر موجب) لذلك كان متعدياً، لا إذا كان السفر دون البريد فلا بأس؛ لجري العرف بذلك، أما إذا وقع الإيداع أو السفر لعذر موجب فلا تعدي، بل يلزمه ذلك، كأن يخاف عليها خوفاً يقيناً من حريق أو لص أو ظَلَمة إن لم يودعها أو لم يسافر بها أخذت - وجب عليه ذلك، فيودع عند من يودع مثلها معه من حاكم أو نحوه ممن يثق به، وكذا أيضاً له السفر بها إن لم يمكنه الإيداع ولا وجد مالكها إذا لم يحفظها إلا ذلك السفر، بل يجب عليه ذلك مهما كان الخوف يقيناً في الحال أو في المآل إن لم يودع أو يسافر في الحال، فإن كان الخوف يسيراً أو مجوّزا تجويزاً(١) فقط لم يكن له ذلك.
  فائدة: يجب على الوديع أن يحفظ الوديعة بنفسه، فإن خاف وجب عليه الرد إلى المالك إن أمكن، وإلا أودع إن أمكن مع أمين، وإلا سافر بها، وليس له أن يفعل الآخر إلا إذا قد تعذر الأول، كالسفر بعد تعذر الإيداع، والله أعلم.
(١) في المخطوطات: أو مجوزاً له تجويزاً.