(كتاب الوديعة)
  والمسألة على أطراف، وهو أن نقول:
  أمكنه البيع والتصدق معاً ولم يفعل حتى تلف ضمن قيمته للمالك، ولا شيء للفقراء على الصحيح؛ إذ المالك هنا معروف، بخلاف ما يأتي في الغصب إن شاء الله تعالى.
  أمكنه البيع أو السلف(١) ولم يفعل حتى تلف ضمن أيضاً القيمة للمالك.
  أمكنه التصدق ولم يمكنه البيع والسلف ولم يفعل حتى تلف لزمته القيمة للفقراء(٢)، ولا شيء للمالك؛ لعدم إمكان البيع.
  (و) من التعدي الموجب للضمان: أن يمتنع من (الرد) بالتخلية (بعد الطلب) من مالك العين لها فلم يمتثل ضمن ما تلف بعد ذلك؛ إذ قد صار غاصباً، إلا أن يترك التخلية بعد طلب المالك لعذر من ظالم أو نحوه لم يضمن، ويكفي الخوف من الظالم لمجرد(٣) إنزال الضرر به وإن لم يخف على نفسه أو قطع عضو، بل [إذا] توعده الظالم بإنزال الضرر به كان له عذراً في عدم التخلية، ولا يضمن بسبب ذلك لو تلفت عنده.
  أما لو توعده الظالم على أن يسلمها إليه - يعني: إلى الظالم - فسلمها: فإن كان الخوف لا على نفسه ولا عضو منه أثم [إذا سلمها] لمجرد إنزال الضرر فقط؛ إذ لا يبيح مال الغير خشية الضرر كما يأتي إن شاء الله تعالى، وإن توعده الظالم بقتل أو قطع عضو لم يأثم بالتسليم إلى الظالم، وأما ضمان العين لمالكها فيضمنها مطلقاً ولو سلمها مع التوعد بالقتل؛ إذ تسليمه لذلك تفريط.
  نعم، فإن أخذها الظالم من دون أن يسلمها الوديع إليه لم يضمن؛ إذ هو غالب ولم يحصل منه تفريط حتى يضمن، والله أعلم.
(١) في (أ): والسلف.
(٢) وهكذا في التاج (٣/ ٣٣٧). وفي البيان (٤/ ٣٠١): وإن تعذر تصدق به ولا شيء عليه؛ فإن تركه حتى تلف ضمنه لمالكه±. وفي هامش شرح الأزهار (٧/ ٢٩٩): وإذا لم يتصدق بها ضمن للمالك لا للفقراء. اهـ من حاشية مقررة.
(٣) في (ب، ج): بمجرد.