تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(كتاب الوديعة)

صفحة 251 - الجزء 5

  (و) من التعدي: أن ينطق (بجحدها) قبل تلفها عنده أنها لم تكن عنده وديعة للمودع والجحودُ في وجه المالك أو رسوله أو وكيله، فيصير غاصباً بذلك الجحود ولو كان هازلاً أو ناسياً أو مكرهاً على ذلك، لا لو جحد لا في وجه أحد هؤلاء؛ لأن الغالب إخفاء الوديعة، ولا يبرأ بعد الجحود لو أقر بها إلا بالرد⁣(⁣١) إلى المالك أو بإذن⁣(⁣٢) المالك ببقائها لديه، ويكون إيداعاً آخر.

  (و) من التعدي أيضاً: (الدلالة) للغير من الوديع عليها، فإذا دل (عليها) صار ضامناً ما تلف منها، وسواء تلفت بنفس الدلالة أو بغيرها؛ لإساءته في الحفظ، وسواء كان مختاراً للدلالة عليها أو مكرهاً.

  (و) اعلم أن التعدي المذكور هنا من قوله: «كاستعمال» قد يكون في الحفظ، ومنه ما هو في غير الحفظ كالتصرف ونحوه من الجحد وغيرهما، إن كان التعدي من الوديع في الحفظ فاعلم أنه (متى زال التعدي في الحفظ) كلو حفظها في غير المكان الذي يحفظ مثلها في مثله أو سافر بها أو أودعها لغير عذر فإذا زال (صارت) العين المودعة (أمانة) بالإيداع الأول، ولا يضمن لو تلفت بعد، وإن كان التعدي في التصرف كالتأجير والإعارة والرهن ومثله النقل لخيانة وعدم الرد بعد الطلب والجحد والدلالة عليها فإذا زال ذلك لم تعد يده أمانة بزوال ذلك الأمر، بل يجب عليه الرد فوراً، وإذا تلفت ضمنها ولو قد زال ذلك الأمر الذي صار به متعدياً.

  والفرق بين التعدي في الحفظ وغيره: أنه إذا كان التعدي في الحفظ ظهر عدمه⁣(⁣٣) بزواله، بخلاف غيره فإنه يكون غاصباً، وبعد أن يصير غاصباً قد يستعمل الغاصب وقد لا يستعمل، فافهم.


(١) لفظ شرح الأزهار (٧/ ٣٠١): ولو أقر بعد الجحود لم يخرج عن الضمان ما لم يرد أو يتجدد له إيداع من المالك.

(٢) في (ب): «يأذن». وفي (أ، ج): «بإذن» غير منقوطة.

(٣) لفظ هامش شرح الأزهار (٧/ ٣٠٢): والفرق بين± الاستعمال والحفظ أنه في الحفظ يظهر زوال التعدي فيما كان حفظاً، بخلاف الاستعمال فإنه لا يظهر [زوال التعدي في الترك] إذ الغاصب قد يستعمل ويترك.