تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(كتاب الوديعة)

صفحة 252 - الجزء 5

  فَرْعٌ: إذا تلفت العين وقد تعدى في الحفظ فقال: «تلفت بعد أن زال التعدي في الحفظ» فإن صادقه المالك أن التلف بعد زوال التعدي لم يضمن، وإن لم يصادقه المالك فعليه البينة.

  (وإذا) أودع شخص عند شخص عيناً ثم (غاب مالكها) غيبة منقطعة (بقيت) تلك العين المودعة وثمرتها وأجرتها (حتى) يحصل (اليأس) منه، وذلك بأن يمضي عليه منذ ولد مائة وعشرون سنة⁣(⁣١) (ثم) إذا أيس منه بذلك دفعها الوديع أو وصيه أو وارثه إن كان قد مات (للوارث) يعني: وارث ذلك المودع إن عرف وارثه (ثم) إذا لم يعرف له وارث دفعت العين للمصالح العامة، بمعنى أنها تصير بيت مال، ومن جملة مصرف بيت المال أن يدفع (للفقراء) على حد صرف بيت المال إليهم، لا أنها تكون لهم فقط، بل بيت مال، ولا يحتاج الوديع إلى ولاية من أحد في صرف ذلك، بل الولاية له في ذلك.

  تنبيه: أما لو أيس منه بعد غيبته - يعني: من معرفته لو عاد - صرفت في بيت المال في الحال ولا انتظار، ولا حق للوارث هنا؛ لأنه صار مالاً لا مالك له في الحال، والورثة لا يستحقون إلا بعد العلم بموته. وإذا عاد المالك بعد اليأس من معرفته ضمن الوديع إن عرفه كما قلنا في الضالة.

  فائدة: من هذا القبيل - وهو الدفع إلى الفقراء لئلا تفوت منفعة العين - استحسن العلماء أن مال الغائب من الناس يبقى تحت [يد] ورثتهم؛ لما في الحبس من إضاعة المنفعة، وجعله بيد الغير يؤدي إلى المشقة بحفظ الغلات سيما مع طول المدة، وكذا بيد الواحد من الورثة؛ ولما يؤدي إليه من الشجار، ذكر ذلك المحيرسي، وهو المقرر.

  فائدة: لا يجب التعريف بالوديعة إذا جهل مالكها أو غاب؛ لأنها لم تكن لقطة حتى يجب⁣(⁣٢) التعريف بها، بل تصرف كما ذكرنا بعد اليأس من معرفته.


(١) أو أي القرائن من شهادة على موته أو ردته كما تقدم. (من هامش شرح الأزهار ٧/ ٣٠٣).

(٢) لفظ البستان كما في هامش شرح الأزهار (٧/ ٣٠٣): لأن مالكها [أي: المظلمة] هي والوديعة معروف عند قبضها، بخلاف اللقطة.