تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(كتاب الوديعة)

صفحة 259 - الجزء 5

  وقال هو: بل هو عندي وديعة فالمؤن في الرد على المالك، فالقول له في نفي القرض وأنه وديعة (مطلقاً) سواء كان باقياً أم تالفاً⁣(⁣١)، وسواء كان مما يصح قرضه أم لا، وسواء قال: «تركته عندي وديعة، أو: أخذته منك وديعة»، يعني: سواء أسند الفعل إلى المالك بأن قال: «تركته أنت»، أو إلى نفسه بأن قال: «أخذتُه أنا» فلا فرق بين الإسنادين في هذه الصورة؛ لأن المالك مصادق له بالإذن بالقبض لكن يدعي إذن قرض، والأصل براءة الذمة.

  (و) اعلم أنه (لا) يقبل قول المالك للعين: إنها في يد ذلك الغير (غصب) لو ادعى من هي في يده أنها أمانة، وقال المالك: إنها غصب، لم يقبل قول المالك في الغصب (إلا بعد⁣(⁣٢)) قول من هي في يده: (أخذته) منك وديعة أو نحو «أخذت»، كقبضت أو تناولت، وسواء كان ذلك اللفظ بعدُ أو قبلُ، فالمراد مع لفظ «أخذته» أو نحوه، وسواء تقدم أو تأخر ذلك اللفظ، فإذا قال الوديع: «أخذته منك وديعة، أو وديعة أخذته منك» لم يقبل قوله في الإيداع، ويكون القول للمالك أنه غصب؛ لأن المالك في هذه الصورة منكر للتسليم، بخلاف مسألة القرض فقد أقر بالتسليم فالقول للوديع ولو أتى بلفظ «أخذته». أما لو لم يأت ذلك الغير بلفظ «أخذته» بإسناد الفعل إلى نفسه بل أسنده إلى المالك، بأن قال: «تركته معي أنت وديعة» - قبل قوله؛ لأن الأصل براءة ذمته، ولم يدع لنفسه تصرفاً بمضاربة ولا غيرها، أما لو ادعى لنفسه تصرفاً كأن يقول: «تركته عندي مضاربة أو عارية أو نحوهما» لم يقبل قوله، فيبين على ذلك ولو أسند الفعل إلى المالك بقوله: «تركته عندي»، فافهم، والله أعلم.

  واعلم أن في المسألة هذا⁣(⁣٣) التفصيل سواء⁣(⁣٤) كانت العين قد تلفت ويريد المالك تضمين صاحبها أو باقية يريد أن يضمنه الأجرة [ومؤن التسليم]⁣(⁣٥)، فافهم.


(١) لا يستقيم تفسير مطلقاً بهذا بعد: أن التالف.

(٢) في المخطوطات: مع. والمثبت لفظ الأزهار.

(٣) في (ج): «هذه».

(٤) في المخطوطات: وسواء.

(٥) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٧/ ٣١٠).