(فصل): في بيان ما يلزم الغاصب وما يلحق بذلك:
  الثالثة: أن يكون المالك غير متعد بوضع الشيء المتعثر به في ملكه والمتعثرُ متعدياً بدخوله من دون إذن فكالصورة الأولى: ما تلف بالتعثر مضمون، وما نقل فغصب.
  الرابعة: عكس هذه، أن يكون مالك العين متعدياً بوضعها في الطريق مثلاً والمتعثر غير متعد بمروره في الطريق المسبلة، فما تلف بالتعثر أو انتقل به هدر لا يضمنه المتعثر ولو كان المتعثر مباشراً(١) مهما لم يكن له زيادة اعتماد يمكنه دفعه، لا إن فعل فضامن، هذا والله أعلم.
(فصل): في بيان ما يلزم الغاصب وما يلحق بذلك:
  (و) اعلم أنه (يجب) على الغاصب (رد عينه) يعني: رد الشيء المغصوب، ولا يجزئه دفع العوض عن ذلك المغصوب إلا برضا مالكه (ما لم تستهلك) عنده حساً، كأن يطحن الحب أو يبذر به فيملكه بذلك ويلزمه مثله إن كان مثلياً، أو قيمته إن كان قيمياً، هذا إن كان الاستهلاك حساً، وأما إذا كان الاستهلاك حكماً فسيأتي حكمه في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
  (و) يجب على الغاصب أيضاً (يستفدي) العين المغصوبة إذا خرجت من يده إلى يد غيره بوجه، وللمالك أن يستفديها من يد من صارت إليه ويرجع على الغاصب بما دفع للاستفداء بالغاً ما بلغ إذا كان لا يمكن الغاصب أن يستفدي إلا بذلك القدر، فإن كان يمكن الغاصب بأقل مما استفدى به لم يرجع المالك عليه إلا بما كان يستفدي به الغاصب لا بما زاد، وأما الأوراق والبصائر فلا يرجع المالك على الغاصب إلا بقدر ما يستفدى مثلها بمثله، لا ما زاد، وينظر ما الفرق بين الأوراق وغيرها؟.
  نعم، فيجب على الغاصب الاستفداء لما خرج من يده سواء كان ذلك مثلياً أو قيمياً (غير النقدين) وهما الدراهم والدنانير فلا يلزم الغاصب الاستفداء، بل يرد مثل ذلك، وسواء كان ذلك النقد ملكاً أم وقفاً في وجه صحة وقفه - للعيار ونحوه - فلا يلزم
(١) في (أ): التعثر مباشرة، وفي (ب): التعثر مباشر. ولفظ هامش شرح الأزهار (٧/ ٣٢٨): فهدر ولو كان بالمباشرة.