تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يلزم الغاصب وما يلحق بذلك:

صفحة 277 - الجزء 5

  (ويبرأ) الغاصب (بمصيرها) يعني: العين الغصوبة، وكذا الأجرة والقيمة (إلى المالك) لها أو إلى من أخذت منه حيث له ذلك؛ لما تقدم (بأي وجه) كان أمانة أو استهلاك⁣(⁣١) (وإن جهل) المالك أنها قد صارت إليه، لكن يشترط أن يرد إليه وهو على حال يصح الرد إليه، لا إن كان زائل العقل، ويشترط أيضاً أن يكون عند قبضه لها مختاراً لا مكرهاً، أو مكرهاً وهو يلزمه أن يقبض، وهو أن يكون في موضع الغصب، هذا إن قبضها منه من غير استهلاك، لا إن كان باستهلاك كالأكل لها فلا بد أن يكون مختاراً مطلقاً: سواء كان يلزمه قبضها أم لا. فمتى اجتمعت هذه الشروط برئ الغاصب، ومثاله: أن يبيعه منه أو يهبه له، وكذا إذا رهنه أو أعاره أو أجره منه أو يودعه فقد برئ الغاصب بمصير العين إلى يد مالكها ولو جاهلاً.

  فَرْعٌ: فإن عادت العين إلى يد الغاصب بوجه فإن علم الحال المالك عادت إلى يد الغاصب بحسب الأمر الذي ردت له من ضمانة أو أمانة، وإن لم يعلم فغصب متجدد تعود يد الغاصب.

  وكذا لو أطعمه ما غصبه عليه ولم يكن قد استهلكه بل [كان] باقياً على حالته ذلك المغصوب من يوم الغصب، كالعنب والزبيب والطعام لو غصب، فمتى أكله المالك برئ [الغاصب] وإن جهل [المالك] كونه ملكه، بشرط أن يكون مختاراً، لا إن أكره على ذلك لم يبرأ، وهكذا لو كان المغصوب عليه صبياً ولا ولاية للغاصب في إطعامه لم يبرأ الغاصب بأكل الصبي لملكه، لا⁣(⁣٢) إن كان له ولاية في ذلك برئ.

  نعم، وإن لم يطعمه الشيء إلا وقد استهلكه كأن يخبز الحب أو يذبح الحيوان ويطبخه لم يبرأ الغاصب بأكل المالك لذلك؛ إذ قد استهلكه.

  ولا بد من اليقين في ذلك، يعني: أن العين قد صارت إلى المالك، ولا يكفي الظن، والله أعلم.


(١) هكذا في المخطوطات.

(٢) في المخطوطات: إلا.