تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما إذا غير الغاصب العين المغصوبة، وحكم فوائد الغصب:

صفحة 285 - الجزء 5

  للغاصب فإنه يكون في ذمته، فلا تكون الأجرة والمهر من⁣(⁣١) سائر الفوائد أمانة.

  وهذا يخالف فوائد الرهن فإنها مضمونة على المرتهن كما تقدم هناك، والعلة أن الفوائد رهن، فتكون مضمونة، بخلاف الغصب فالعلة الموجبة للضمان هي الغصب، وهو غير حاصل في الفوائد (فلا يضمن) الغاصب من الفوائد التي تحصل عنده من العين المغصوبة من ولد أو صوف أو سمن أو زبد أو غير ذلك من سائر الفوائد (إلا) إذا اتفق أحد ثلاثة أمور: (ما نقله) الغاصب (لنفسه) من الفوائد ناوياً حال النقل أن ذلك المنقول له، لا ما نقله لعلف وسقي وغيرهما لم يضمن. وإذا اختلفا هل نقله لنفسه أو لعلف ونحوه فالقول للمالك أنه نقله الغاصب لنفسه فيضمن إلا أن يبين على إقرار المالك أنه نقله للعلف.

  (أو جنى) الغاصب (عليه) يعني: على الفائدة التي في يده ضمن ضمان جناية لا ضمان غصب، والله أعلم.

  (أو لم يرد) الغاصب تلك الفائدة التي صارت إلى يده مما غصب (مع الإمكان) للرد، فيضمن إذا تمكن ولم يرد كما هو شأن الأشياء التي تصير إلى الإنسان بغير رضا مالكه، كما يلقيه طائر ووارث الوديع والمضارب.

  واعلم أنه إذا غصب البقرة مثلاً وهي حامل فقد ضمن بالغصب البقرة مع حملها، حتى لو تلفت حاملاً لزم قيمتها يوم الغصب حاملاً، وإذا صار الولد إلى يده صار أمانة إلا أن يتفق أحد الثلاثة الأمور، فإن تلف على وجه لا يضمنه ضمن قيمة أمه حاملاً كما قلنا، وإن تلف على وجه يضمن بعد أحد الثلاثة الأمور ضمن [قيمته و] قيمة أمه غير حامل؛ لأنه مضمون بذلك فلا يضمن قيمته متكررة.

  واعلم أيضاً أن الثمر في الشجرة المغصوبة يخالف الحمل، إذا غصب الشجرة وهي مثمرة فالثمر مضمون وليس كالحمل، لا إن وجد الثمر من بعد الغصب فكالحمل،


(١) لعلها: مثل.