(فصل): في بيان [حكم] غرامة الغاصب في الغصب ما يلزمه للمالك وما لا يلزمه:
  لها حق البقاء، وإما وترك الأرض للغاصب وأخذ قيمتها يوم القلع من دون نظر إلى الغروس، وإن لم يعلم الضرر إلا بعد القلع جاء التفصيل: إما أن تتغير إلى غرض أم لا، وإما أن يكون النقص يسيراً أم كثيراً، فتأمل، والله أعلم.
  (و) إذا زرع الغاصب في الأرض المغصوبة فالزرع له و (عليه قلع الزرع) من أرض المالك (وإن لم يحصد) يعني: وإن لم يبلغ حد الحصاد؛ لأنه متعد بالوضع، إلا أن يرضى المالك ببقاء الزرع إلى الحصاد بأجرته. وإذا نقصت قيمة الأرض بالقلع لزم الغاصب ذلك، فإن لم تنقص لزمه ما يغرم في إصلاحها إلى حالتها الأولى (و) يلزم الغاصب أيضاً (أجرة المثل) للعين المغصوبة ولو كانت مما لا يؤجر في العادة كالمسجد والقبر والمصحف، وكذا الدراهم والدنانير إن جرى عرف في البلد بتأجيرها للعيار أو التجمل، لا إن لم يجرِ عرف فلا يضمن لتلك الدراهم ونحوها من الدنانير أجرة، والفرق بين المسجد والقبر وبين الدراهم والدنانير أن عرصة المسجد والقبر لو لم تكن مسجداً وقبراً لأجرت.
  (وإن لم ينتفع) بها يعني: بتلك العين المغصوبة فالأجرة لازمة له مطلقاً، فلو غصب عبداً مدة وله حرف وصناعات كثيرة مختلفة في الأجرة عليها ضمن الغاصب أجرة الأقل من الصناعات؛ لأن الأصل براءة الذمة مما زاد عليها، والله أعلم.
  تنبيه: فلو كان المغصوب ثوباً لم يلبسه الغاصب بل بقي عنده مدة طويلة بحيث يقدر لو لبسه فيها لمزقة في أدنى [من] تلك المدة(١) لزمه أجرة الثوب لمدة بقائه عنده ولو مدة طويلة.
  (فإن أجر) الغاصب تلك العين المغصوبة عنده (أو نحوه) يعني: نحو التأجير من أي تصرف كالبيع والهبة ونحوهما مما تلحقه الإجازة من العقود (فموقوف) ذلك التصرف على إجازة المالك، فإن أجاز الإجارة مثلاً باللفظ أو ما يجري مجراه كالمطالبة بالأجرة مع علمه بالتأجير صحت الإجارة واستحق المسمى إن علم قدره، لا إن غبن
(١) لفظ البيان (٤/ ٣٣٦) ونقله في هامش شرح الأزهار (٧/ ٣٥٤): لو لبسه لبلي في بعضها.