(فصل): في بيان حكم ما يشترى بالعين المغصوبة وبيان ما يملك الغاصب منها لسبب:
  يغصب بيضاً فأحضنه بدجاج نفسه أو دجاج الغير بعد أن غصبها، ولو كانت الدجاج لمالك البيض وقد غصبها، أما لو كانت دجاج الغير ولم يغصبها كان كما لو بذر ببذر الغير وسقاه المطر: تكون الفراخ لمالك البيض، وكذا لو كان الدجاج لمالك البيض ولم يغصب الدجاج تكون الفراخ للمالك، وإذا تلف الفراخ لزم قيمته يوم خروجه لمالكه، وإن كان قد زاد ضمن الزائد بشرطه، وهو أن يتجدد له غصب. هذا إن زال بذلك الفعل الاسم ومعظم المنافع كما مثلنا، فإن اختل أحدها بأن زال الاسم فقط لم يملك الغاصب بزوال الاسم، ويأتي ما تقدم من أن التغيير إلى غرض أو لا التفصيل المتقدم، ولا بد أيضاً أن يكون ذلك الفعل فعل غاصب واحد، فلو كانوا جماعة ذبح أحدهم وقطع آخر وطبخ آخر لم يملكوا بذلك ولا تخرج العين من ملك مالكها، ويلزم كل واحد منهم أرش ما فعل. ومن الاستهلاك أيضاً أن يغصب عصيراً فخلله بفعله ملكه ولزمه قيمته، لا إن تخلل ذلك العصير بغير فعله فكما لو نقص المغصوب عند الغاصب بغير فعله.
  (و) اعلم أن الشيء المغصوب إذا استهلك بذلك الوجه المذكور فإنه (يطيب له) يعني: للغاصب يأكله أو يتصرف فيه بأي تصرف كان ببيع أو غيره، إلا أنه لا يطيب له إلا (بعد المراضاة) لمالكه؛ إما بأن يلفظ المالك بالرضا كأن يقول: «قد رضيت تملكك للعين وسلم لي القيمة أو المثل»، أو يراضيه بدفع القيمة له أو المثل، وسواء رضي بعد دفع ذلك أو لم يرض، أو يحكم الحاكم بحكم للغاصب أنه قد ملك العين المغصوبة بالاستهلاك، ويلزمه دفع العوض، فإذا اتفق أحد هذه الأمور إما برضا(١) المالك أو دفع العوض له أو حكم حاكم - جاز للغاصب بعد ذلك التصرف، لا قبل أحد هذه الأمور فإنه لا يجوز له، فإن فعل بأن باع أو نحوه: فإن تعقب البيع مراضاة المالك صح البيع وكان كبيع الراهن للرهن ويوفيه ما فيه(٢) بعد البيع، وقبل المراضاة البيع غير نافذ باطل، ولا تلحق الإجازة له من المالك؛ لأنه قد خرج عن ملكه بالاستهلاك.
(١) لعلها: رضا.
(٢) في هامش شرح الأزهار (٧/ ٣٦٥): كبيع الراهن للرهن وسقوط الدين.