(فصل): فيما يجوز للمالك فعله في العين المغصوبة وما يتعلق بذلك من المراجعة بين الغاصبين وغير ذلك:
  فائدة: إذا كان الذي غرم وتلفت غرامته شافعاً للمشتري وأخذت العين من يده وقد كان غرم لم يرجع على المشتري؛ إذ ليس بغار له إذا كان تسليم الشفعة بالحكم، لا إذا كان بالتراضي فيرجع عليه؛ إذ يكون المسلم طوعاً كالمشترى(١).
  تنبيه: الرجوع ثابت للمغرور على الغار ولو كانت العين صائرة إليه من دون عوض بل بهبة أو نحوها؛ إذ لم يكن الواهب محسناً بملك غيره، فيرجع المغرور عليه، والله أعلم.
  (إلا ما) كان المغرور قد (اعتاض منه) يعني: من العين المغصوبة(٢) فلا يرجع [به] على الغار؛ لحصول العوض له من تلك العين المغصوبة، كأن تكون تلك العين المغصوبة داراً أو دابة أو ثوباً وقد كان ذلك المشتري لها المغرور سكن الدار أو ركب أو حمل على الدابة أو لبس الثوب وغرمه المالك الأجرة لم يرجع بها على البائع إليه أو نحوه؛ لأنه قد استهلك عوض ما دفع من الأجرة، وكذا لو كانت العين المغصوبة أرضاً وقد استغلها المشتري المغرور وغرمه المالك أجرة المثل لم يرجع على من غره؛ لاستيفائه للعوض، إلا أن يكون الغار ضمن للمغرور الدرك فيرجع عليه بما غرم ولو كان المغرور قد اعتاض. ومن ذلك لو كانت العين المغصوبة أمة ووطئها المشتري جاهلاً وهي جاهلة للتحريم ثم سلم المهر للمالك فلا يرجع على الغاصب الأول، وهو البائع إليه أو نحوه من واهب أو غيره؛ لأنه قد اعتاض بالوطء، ويثبت الرجوع للمغرور على الغار بالنفقة والكسوة حيث لم تخدم تلك الأمة، فإذا كانت قد خدمت فلا يرجع؛ لأنه قد اعتاض بالخدمة إذا ساوت الخدمة النفقة والكسوة، فإن زادت النفقة والكسوة على أجرة الخدمة رجع بالزائد فقط. ولقائل أن يقول: وإن كانت الأمة قد خدمت فله الرجوع بالنفقة والكسوة؛ لأن الخدمة تقابل ما يسلم المغرور للمالك من أجرة المثل(٣) فتأمل. وإذا ضمن أيضاً الغار للمغرور ضمان الدرك رجع عليه بالمهر
(١) في المخطوطات: كالمشتري. وقد تقدم في الشفعة: أو التسليم والقبول باللفظ فهو كالمبيع.
(٢) الظاهر أن الضمير في «منه» يعود إلى ما غرم.
(٣) المذهب هو الأول، وهو أنها إذا قد خدمت لم يرجع بالنفقة ... إلخ.