(فصل): فيما يجوز للمالك فعله في العين المغصوبة وما يتعلق بذلك من المراجعة بين الغاصبين وغير ذلك:
  الضمان على الآخر إلا إذا علم أو جنى - عام في المنقول وغيره، فلو لم يجن ولم يفرط ولا علم أنها غصب وتلفت لم يكن قرار الضمان عليه وإن كان التالف غير المنقول تحت يده(١)، فقول الإمام في أول الكتاب: «فلا يضمن من غير المنقول إلا ما تلف تحت يده» مطلق مقيد بهذا، وهو إن علم أو جنى، لا إن لم يحصل أحدهما لم يضمن، فيطالب المالك من قبله من الغاصبين، وإذا طالبه بقيمة العين وغرم له رجع على من قبله ممن غره وسواء نوى الرجوع أم لا، والله أعلم. (غالباً) يحترز من بعض الجانين فإنه لا يضمن وإن جنى، وإن ضمن رجع على الأول، وهو نحو الخياط لو غصب شخص ثوباً وأمر الخياط يقطعه قميصاً [فقطعه وهو لا يعلم بغصبه] فإذا طالبه المالك بأرش النقص لم يكن قرار الضمان عليه، فيرجع بما غرم من أرش النقص على الذي أمره، وكذا بالأجرة(٢)، يعني: أجرة المثل، ولا تسقط. ومثله الجازر لو أمره الغاصب بذبح الشاة المغصوبة فذبحها، وكذا المشتري للعين المغصوبة وهو جاهل وتصرف فيها بتقطيع أو غيره حتى نقصت قيمتها لم يكن قرار الضمان عليه إن كان جاهلاً وإن جنى.
  هذا إن كان تغيير الخياط والجزار(٣) والمشتري ونحوهم إلى غير غرض، وأما إذا كان التغيير إلى غرض فلا أرش على أحد من أحد(٤) هؤلاء ولا من قبله، بل يخير المالك كما تقدم في التغيير إلى غرض.
  (و) إذا أبرأ مالك العين المغصوبة أو ملَّكَها من قرار الضمان عليه من الغاصبين فالغاصبون الباقون (يبرءون) جميعاً من قيمة العين التالفة (ببرائه) يعني: ببراء من قرار الضمان عليه أو تمليكه لها، لا من حصتهم من الأجرة فلا يبرءون سواء أبرأه أو ملكه، وأما المبرأ فيبرأ من حصته من الأجرة إن أبرئ، لا إن ملك فلا يبرأ منها. هذا إن كان الإبراء لمن قرار الضمان عليه والعين قد تلفت، وأما لو كانت باقية فإنه يبرأ وحده، فإن
(١) الأولى: وإن كان التالف تحت يده غير المنقول.
(٢) يعني: أجرة القطع.
(٣) في (ج): «والجازر».
(٤) كذا في المخطوطات.