(باب النجاسات)
  والميتة، فإذا أكل منها شيئاً فإن خرج على صفته فله حكمه ينجس منه ولو قليلاً، لكن لا ينقض الوضوء إلا إذا كان ملء الفم، وإن كان قد تغير في المعدة عن حالته الأصلية فإنه يصير له حكم القيء، فلا ينجس منه إلا ملء الفم.
  وقول الإمام ¦: «من المعدة» ليخرج ما كان من غيرها، كالخارج من أعماق الرأس أو من اللهات - وهي جوانب الفم(١) - فإنه طاهر ولو كثر، ومن ذلك الماء الخارج من الفم عند النوم فإنه طاهر ولو تغير إلى صفرة، لا إن تغير إلى حمرة فحكمه حكم الدم، أو خرج بتقيؤ فحكمه حكم القيء كما مر قريباً.
  ويعتبر أيضاً في القيء قيدٌ آخر، وهو أن يخرج (دفعة) لا دفعات فطاهر، والمعتبر خروجه من الحلق إلى الفم، ومن الفم إلى الثوب أو نحوه، لا إن خرج من المعدة دفعات، أو دفعة إلا أنه خرج من الفم دفعات(٢) - فإنه لا ينجس ما لاقاه، ولو اجتمع فطاهر.
  فإن قيل: ما الفرق بين الدم إذا اجتمع فإنه يصير نجسًا بخلاف القيء؟ فهو يقال: الدم عاد بالاجتماع إلى أصله وهو التنجيس، بخلاف القيء فهو(٣) طاهر، ولأنه قد وجد السفح في الدم بالاجتماع، بخلاف القيء فشرطه - وهو الخروج دفعة - لم يوجد.
  (و) التاسع: (لبن) الحيوان (غير المأكول(٤)) سواء كان من نجس الذات كالكلب أم من غيره كالبهيمة والبغلة ونحوهما (إلا من مسلمة) فإنه طاهر؛ للإجماع، وسواء كانت كبيرة أو صغيرة أو لا ترضع، لا الرجل - ومثله الخنثى(٥) - فإن لبنه نجس، فهو داخل في عموم «لبن غير المأكول»، وكذا الكافرة فإن لبنها نجس كرطوبتها؛ وإذا حكم بنجاسة لبن الذكر والخنثى من الآدمي المسلم فإن ذلك لا ينقض الوضوء؛ إذ ليس النقض فرعَ التنجيس، وهو المختار.
(١) «وقيل: اللحمة المشرفة على الحلق». من هامش (ب).
(٢) في كل دفعة دون ملء الفم. محقق.
(٣) لفظ الحاشية في الشرح: ... فأصله. محقق.
(٤) لأنه من فضلة الطعام كالبول، ولا ينقض الوضوء. (é). شرح.
(٥) تغليبًا لجنبة الحظر. (é). شرح.