(فصل): في بيان حكم المغصوب إذا تلف وعوضه لا ينقسم،
  وتلف تحت يده أو نقله ضمن، والله أعلم.
  مَسْألَة: (و) إذا أمر أحد غيره بسكنى دار الغير أو حرث أرضه أو نقل منقوله نظر: فإن كان الآمر قوياً والمأمور ضعيفاً فإنه (يضمن آمر الضعيف) حيث كان(١) الآمر (قوياً) أقوى من المأمور؛ لأن أمره مع القدرة كالتصرف، وقول الإمام #: (فقط) [يعني] لا إذا كان الآمر مساوياً للمأمور في القوة أو الضعف أو كان أضعف من المأمور فإنه لا يضمن الآمر. وإذا قلنا: إنه يضمن إذا كان قوياً فمعناه أن لمالك العين أن يطالبه بأجرتها وكذا بقيمة العين ولو كان تلفها في يد المأمور (و) لكن (القرار) في الضمان (على المأمور) لأنه المستهلك للمنافع، فإذا طالب المالك الآمر رجع على المأمور، وإذا طالب(٢) المأمور لم يرجع على الآمر. لكن يشترط أن يكون المأمور عالماً مختاراً أو جانياً مطلقاً سواء علم أم لا، فأما لو كان المأمور جاهلاً أن العين للغير لم يكن قرار الضمان عليه، وكذا لو لم يكن له اختيار بل كان مكرهاً فقرار الضمان على المكرِه، وإذا طولب المكرَه فله الرجوع على المكرِه، ولا حكم لاستيفائه للمنفعة أو نحوها؛ لأنه مكره، كمن أكره الغير على أكل مال نفسه فإنه يرجع على المكره ولو صار ملكه معه، وأما إذا كان المأمور جانياً فقرار الضمان عليه ولو جاهلاً أنها للغير.
  فَرْعٌ: فأما الباغي بدلالة الغاصب(٣) على مال الغير حتى أخذه فإنه لا يضمن، بل يؤدب فقط، وكذا من رفع خصمه إلى متولٍ وكان بسبب ذلك أن أخذ المتولي من ماله أدباً فلا يضمن الرافع أيضاً، بل يؤدب إذا كان غير محق في رفعه لخصمه إلى ذلك المتولي، وكذا ما أخذه أعوان الظلمة من الأموال بقوة ظلمهم فلا يضمن الظالم حيث لم يأمر بذلك، وكذا حراس الطرق وآخذ الرشا والمزور للسفاتج فلا يضمن أحد هؤلاء ولو كان أخذ المال بسبب فعله، والله أعلم.
(١) في المخطوطات: حيث والآمر قوياً.
(٢) في المخطوطات: طولب.
(٣) في المخطوطات: الغار. ولعل الصواب ما أثبتناه.