(فصل): في بيان ما يقع به الإعتاق:
  فَرْعٌ: ومن ذلك أن يقول المالك لعبده: «لست لي بعبد» أو «لست لك سيداً» أو «لا ملك لي عليك» أو «أنت مالك نفسك(١)» أو «قد خرجت عن ملكي» فهذا كله كناية؛ لاحتماله لخروجه عن الطاعة، فيفتقر إلى النية، وإلا لم يعتق، لا قوله: «فككت رقبتك عن الرق» فصريح.
  (و) من الكناية عن العتق(٢) أن يقول السيد لغيره: (هو) يعني: عبده (حر) وفعل ذلك (حذاراً من) الظالم (القادر) على أخذه أن يأخذه، فللخوف يتجوز أنه أراد حر باعتبار شمائله وأخلاقه، وللاحتمال والخوف يصير ذلك اللفظ كناية، هذا إن كان الخوف من ظالم، لا محق فيعتق. وقوله: «هو حر» لا يقع به العتق إن لم ينوه (كالوقف) والإقرار لو أقر بوقف أرض، بأن سئل عنها فقال: «هي وقف» أو مال فقال: «هو لفلان» وهو فعل ذلك خوفاً من الظالم القادر - لم يقع الوقف والإقرار كما هو شأن الكناية إن لم ينو بها ذلك؛ إذ يصير المعتق والواقف والمقر مع الخوف كالمكرَه، وهو لا يقع إنشاؤه مع الإكراه، وهذا أولى من التعليل المتقدم بالاحتمال؛ إذ لو قد حصل في اللفظ احتمال لكان مع الأمن، فافهم.
  (إلا) لفظ صريح (الطلاق) كـ: «أنت طالق» ناوياً للعتق لم يقع (وكنايته) يعني: كناية الطلاق كـ: «تقنعي» فإنها لا تكون كناية في العتق وإن احتملت ذلك، إلا لفظ «أطلقت» فكناية؛ لظهور احتماله له، وإلا ما كان صريحاً في الإعتاق كـ: «أنت حرة» وإن كان كناية في الطلاق فيقع به العتق؛ لكونه صريحاً فيه لأن المراد [بقوله]: إلا الطلاق وكنايته ما ليس من(٣) ذلك صريحاً في العتق، لا ما كان كذلك فلا إشكال أنه يقع به العتق، فتأمل، والله أعلم.
  (و) كذا لو قال السيد لعبده: «أنت عليّ حرام» أو («بيعك لا يجوز، أو أنت لله) تعالى» فهذه الثلاثة الألفاظ ليست بصريح ولا كناية في الإعتاق؛ لعدم استعمالها فيه لا
(١) في (ج): «لنفسك».
(٢) في المخطوطات: بالعتق.
(٣) في (ج): «في».