(فصل): في بيان ما يقع به الإعتاق:
  والوصية لما كانا لا يحتاج فيهما إلى قبول لم يكن تملكه بذلك الوجه بالاختيار وإن كان المتملك بحيث لو رد لما عتق العبد؛ إذ(١) عدم الرد ليس بفعل حتى نقول: فعل(٢) باختياره، فافهم. وكذا ما وهب لعبده وقبله العبد فإنه يعتق العبد الموهوب الذي هو رحم لمالك العبد المتهب، وإذا كان شقص في العبد الموهوب لغير الواهب سرى العتق إليه، ولا يضمن السيد؛ لأنه لم يدخل في ملكه باختياره، ويجب(٣) أن يسعى العبد بالحصة التي للغير من قيمته يوم العتق كما يأتي آخر المسألة.
  الشرط الثاني: أن يكون المتملك (موسراً)(٤) حال العتق ولا عبرة بيساره أو إعساره من بعد، وحد اليسار: أن يملك [زائداً على] ما يستثنى للمفلس، فإن لم يكن معه ذلك فلا يضمن للشريك شيئاً وإن اختار التملك، وإن كان معه - زائداً على ما استثني للمفلس - بعض قيمة حصة الشريك دفعه للشريك وسعى العبد في الباقي.
  الشرط الثالث: أن يتملك رحمه (بغير إذنه) يعني: بغير إذن الشريك، فأما لو كان بإذنه له لفظاً أو ما يجري مجرى الإذن لم يضمن لشريكه شيئاً وإن اختار التملك وكان موسراً، فالإذن لفظاً ظاهر، والذي يجري مجراه أن يبيع بعض عبده ممن العبد رحم له، فبيعه إليه كالإذن، وسواء كان عالماً أنه رحم للمشتري وأنه يعتق عليه أم لا؛ لأنه إسقاط حق، ولا يفرق في إسقاط الحقوق بين العلم والجهل. ومما يجري مجرى الإذن لو اشترياه جميعاً - يعني: مَنْ العبد رحم له، وشريكه - فإذا اشترياه معاً [بلفظ واحد](٥) أو اتهباه أو تلصصا له معاً من دار الحرب، أو غنماه معاً وقد أذن الإمام: أن من غنم شيئاً فهو له - فيعتق العبد؛ لكون بعضه قد ملكه من هو رحم له، ولا يغرم الشريك لشريكه شيئاً؛ لأنهما لما تملكاه معاً بأي هذه الأمور صار كالإذن له في
(١) في المخطوطات: ان. والصواب ما أثبتناه.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) في المخطوطات: وبعد. ولعل ما أثبتناه الصواب، ولفظ هامش البيان (٤/ ٤٠٦): ويسعى العبد. ولفظ هامش شرح الأزهار (٧/ ٤٢٢): فيسعى العبد.
(٤) في (ج): مميزاً. وهو تصحيف.
(٥) بلفظ واحد. من شرح الأزهار (٧/ ٤٢٣).