(فصل): في بيان أحكام العتق إذا التبس، وصحة تعليق العتق في الذمة، وصحة تعليقه بشرط أو نحوه:
  الصغيرة: «إن رضعت من أم زوجتي الأخرى فأنت طالق» ثم رضعت لم يقع الطلاق - وهو المشروط - إلا بعد الرضاع، فيسبقه الفسخ؛ لأن الرضاع علة للفسخ وشرط في الطلاق، فيقع ما كان الرضاع علة له، وهو الفسخ؛ لمقارنته لعلته، فافهم.
  وعند (المؤيد بالله) أن العتق إذا علق بالشرط أو الوقت يقع (حالهما) يعني: حال حصول الشرط والوقت، ويظهر الخلاف لو علق عتق عبده بالبيع فباعه، فالمختار أنه يصح البيع لو باعه؛ لأن العتق لا يقع إلا بعده، وبعده قد خرج عن ملكه، فلا يعتق العبد، ويصح البيع، ولعل المؤيد بالله يقول: لا يقع(١) البيع ولا العتق، بل يتمانعان؛ لأن العتق يمنع البيع، ولا يقع العتق؛ لعدم حصول البيع. وكذا عندنا لو باعه بخيار لهما أو لأحدهما، فإذا أمضى(٢) البيع صح ولا يقع العتق، وكذا لو باعه بيعاً فاسداً ثم قبض المبيع ملك المشتري العبد ولا يصح العتق أيضاً، وإن لم يقبض لم يخرج عن ملك البائع، وهو لم يحصل شرط العتق فلا يقع؛ لأن العتق عندنا يعلق بحكم البيع، وهو الصحة، لا بالاسم، وهو وقوع البيع؛ ولهذا قلنا: إذا باع بخيار أو بيعاً فاسداً لا يقع العتق، ولو قلنا: إنه يتعلق بالاسم لعتق قبل إبطال الخيار وقبل القبض في البيع الفاسد؛ لأنه قد حصل فيهما اسم البيع، بل لا يقع؛ لعدم النفوذ والصحة، وإن صح ونفذ بعدُ لم يقع العتق؛ لخروجه عن ملك السيد.
  فَرْعٌ: فلو كان العبد مشتركاً بين اثنين فقال أحدهما: «متى بعت نصيبك فنصيبي حر» فإنه متى حصل البيع عتق جميعه وبطل البيع، وحيث لا يكون في يد المشتري يكون كتلف المبيع قبل قبضه من مال البائع ويسعى العبد له؛ لئلا يلزم المعتق شيء للبائع؛ لأن العتق حصل بفعل البائع، وسواء كان عالماً بتعليق العتق بالبيع أم لا؛ لأنه بفعله، وإن كان المبيع في يد المشتري بحيث تكون يده قبضاً - بأن كان في يده مضموناً بإذن الشرع - [كان] كتلف المبيع بعد القبض [و] سعى العبد للمشتري، فتأمل، والله أعلم.
(١) لعلها: لا يصح.
(٢) في المخطوطات: مضى.