(فصل): في ذكر بعض مسائل الشرط المعلق العتق بها:
  فيلزم نصفها، كل واحد ربع. فإن كذب(١) الأول - وهما مترتبان - وصدق الثاني عتقا معاً، أما الثاني فلتصديق المالك له أن البشارة حصلت بقوله، وأما الأول فبأن يقيم البينة على حصول ما بشر به وقت البشارة. وإذا أرسل أحد العبيد أرسله غيره بالبشارة عتق؛ لأن الرسول مبشر، فإن أرسل أحدهما الآخر بذلك الأمر عتقا معاً؛ إذ كل واحد مبشر، فإن لم يُردْ إلا واحداً فقط فلعله يدين بعدم المصادقة باطناً، ويعتق الرسول؛ إذ هو المبشر؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ}[يوسف ٩٦].
  ومن صور الاحتمال: لو قال الرجل لزوجته: «إن دخلت الدار فأنت طالق وإلا فعبدي حر» فإن لم يفسر ما أراد احتمل أموراً: منها: أن مراده وإن لا تدخل الدار فعبده حر، وهذا أقرب الاحتمالات، واحتمل وإن لا يقع سبب طلاقك(٢) دخول الدار فعبدي حر، بأن تدخله مطلقة أو مفسوخة، واحتمل التخيير، ويكون المعنى: وإلا فإن دخلت الدار فعبدي حر، يعني: أو إن، واحتمل(٣) الجمع، وهو أن مراده تعليق العتق والطلاق معاً بدخول الدار، فلهذه الاحتمالات يرجع إليه في التفسير، وله نيته ويعمل بتفسيره، فإن تعذر التفسير رجع إلى الاحتمال الأول وهو أقرب مما(٤) يعطيه ظاهر اللفظ، وهو أن المراد وإن لا تدخلي الدار فعبدي حر، فتأمل، هذا ما سنح من إيراد أمثلة قوله #: «وله نيته في كل لفظ احتملها»، والمراد حفظ المعنى، وهو أن اللفظ إذا كان محتملاً أموراً فلصاحبه النية فيما أراد به، إلا أن يتعلق بذلك اللفظ حق للغير فلا بد من المصادقة من الغير على صرف اللفظ عن ظاهره كما قلنا في مثال: «أيكم دخل الدار فهو حر» وقال: «أردت واحداً فقط» وقد دخلوا جميعاً [أن له نيته في الباطن، وأما في
(١) في المخطوطات: فإن صدق الأول. والمثبت ما في شرح الأزهار (٧/ ٤٥٢) ولفظه: فإن كذب الأول وصدق الثاني عتقا بلا سعاية، فعتق الثاني حصل بإقرار المالك أنه مبشر، وأما الأول ... إلخ.
(٢) لفظ شرح الأزهار (٧ م ٤٥٢): واحتمل أن مراده وإن لم تطلقي بدخولك؛ بأن تدخل مطلقة. ولفظ البيان (٤/ ٤٥٧): واحتمل أن يكون مراده به إذا لم يقع الطلاق على الزوجة مع فعلها لذلك، نحو أن تفعله وهي مطلقة أو مفسوخة.
(٣) في (ب): يعني وإن احتمل.
(٤) كذا في المخطوطات. ولعلها: ما.