(فصل): يذكر الإمام فيه بيان الإعتاق شرطا وعقدا، وذكر صور يقع العتق بها وحكم نفوذه، وما يتعلق بذلك:
  للعبد في هذه الصورة، أما حيث يقدر نصيب العبد فلا إشكال، وأما حيث يقول: «لعبدي ولبني فلان، أو وللفقراء» فلأن «اللام» هنا حيث يقول: «وللفقراء» قاسمة، فيكون للعبد النصف وللفقراء الباقي من الموصى به.
  نعم، فيعتق العبد إذا كان الغير منحصراً أو نصيبه منحصراً أيضاً، لا إن كان نصيبه غير منحصر وكان الموصى به من المال له وللغير والغيرُ غيرُ منحصر، ومثاله: أن يقول: «للفقراء وعبده معهم» أو يقول: «لعبده والفقراء» من دون «لام»، فالوصية بذلك تكون على عدد الرؤوس، وقد تصرف في الجنس فتتعدى العبد وتصرف في غيره فلا يعتق، فظهر لك - وفقك الله وإياي - أن الغير المشارك للعبد إذا كان منحصراً فسواء أتى الموصي باللام أم لا؛ إذ العبد يعتق، لكن إن أتى باللام وقال: «ولبني فلان» فللعبد النصف، وحيث لا يأتي باللام يكون الموصى به على عدد الرؤوس ويصير للعبد كواحد من ذلك الغير ويعتق به؛ بأن يسري به إلى جميعه في الصورتين، وإن كان ذلك الغير غير منحصر كالفقراء مثلاً، فإن أتى الموصي باللام فهي تقتضي أن للعبد النصف كـ: «لعبدي وللفقراء» ويعتق العبد، وإن لم يأت باللام لم يعتق العبد؛ لما تقدم من أنه يصرف إذا كان غير منحصر في الجنس وقد يتعدى العبد، وهذا يخالف ما يأتي في الوصايا من أنه إذا كان الغير غير منحصر كـ: «أوصيت لفلان بكذا وللفقراء» أنه يصير لذلك الفلان النصف وإن لم يأت الموصي باللام بل قال: «والفقراء» لا وللفقراء، فتأمل موفقاً إن شاء الله تعالى.
  فائدة: وإذا قلنا: لا يعتق العبد إذا كان الغير غير منحصر ولم يأت باللام، فإذا عين الورثة العبد في صرف تلك الوصية بالجزء من المال إليه صح تعيينه كما هو شأن غير المنحصر أن يصرف في الجنس، ويصح أن يكون هو العبد المصروف إليه ويعتق، ولعل هذا هو الفارق بين الوصايا، وهو أنه هنا لما صح تعيين العبد من الورثة أو الوصي لم يكن للعبد النصف لما لم يأت بـ «اللام» وكان ذلك الغير غير منحصر، بخلافه هناك فلا تعيين، فيتعين للأول في لفظ الموصي النصف في هذه الصورة حيث يكونون غير منحصرين وإن لم يأت باللام، فافهم، والله الهادي.