تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): يذكر الإمام فيه بيان الإعتاق شرطا وعقدا، وذكر صور يقع العتق بها وحكم نفوذه، وما يتعلق بذلك:

صفحة 367 - الجزء 5

  (و) من أسباب العتق فيعتق العبد: (بشهادة أحد الشريكين) لو كان العبد مشتركاً وشهد أحد الشركاء (على الآخر) منهم (به) يعني: بأن الآخر أعتق [نصيبه] ولو أتى بلفظ الخبر - عتق العبد بتلك الشهادة، ويكون الشاهد هو المعتق بشهادته أن شريكه أعتق حصته، لا أنه أعتق عنه فلا يعتق العبد بتلك الشهادة. وإنما قلنا: يعتق إذا شهد على إعتاق نصيب الشريك إذ ذلك إقرار منه بأن العبد قد أعتق⁣(⁣١)، ولو كان الشاهد كافراً أو فاسقاً؛ إذ ليس بشهادة حقيقة، بل إقرار بذلك؛ ولهذا قلنا: لا يعتبر أن يأتي بلفظ الشهادة، بل [يعتق ولو] بلفظ الإخبار. وحيث يعتق العبد بذلك لا يثبت لأحدهما - يعني: للشاهد ولا للمشهود عليه - ولاء على العبد؛ لأن كل واحد منكر لذلك، إلا أن يرجعا عن الإنكار قبل موت العبد أو يرجع أحدهما كان الولاء للذي رجع عن الإنكار دون الآخر.

  فَرْعٌ: ولما كان الشاهد هو المستهلك للعبد بالشهادة على شريكه بأنه أعتق ولم يصادقه المشهود عليه - يضمن الشاهد للمشهود عليه قيمة حصة المشهود عليه من العبد إن كان موسراً، وإلا سعى بها العبد عن الشاهد، لا إن صادق المشهود عليه الشاهد لم يضمن الشاهد ولا يسعى العبد أيضاً للمشهود عليه، بل يضمن المشهود عليه للشاهد إن كان المشهود عليه موسراً، وإلا سعى العبد عن المشهود عليه المعسر لذلك⁣(⁣٢).

  وحاصل الكلام هنا: أن الشريكين لا يخلو: إما أن يكونا موسرين أو معسرين، إن كانا موسرين لم يسع العبد لأحدهما، سواء صدق العبد الشاهد أم لا، ويضمن الشاهد للمشهود عليه حصة نصيبه في العبد، وإن كانا معسرين سعى العبد للمشهود عليه مطلقاً، سواء صدق الشاهد أم لا، ويسعى للشاهد إن صدقه أن الإعتاق صدر من المشهود عليه معسراً، فالمصادقة من العبد للشاهد⁣(⁣٣) إلزام لنفسه بأن يسعى له عن


(١) لفظ البيان (٤/ ٤٧٨): فإنه يعتق العبد؛ لإقرار الشاهد بعتق نصيبه بالسراية، فيكون هو المعتق في الظاهر.

(٢) لعلها: بذلك.

(٣) في المخطوطات: للعبد.