(باب التدبير)
  تخالف الفسق، فبالفسق يجوز أي تصرف، بخلاف الضرورة(١) فهو لا يصح إلا البيع فقط؛ وذلك لما روي أن النبي ÷ باع مدبراً على رجل من بني عذرة لدين ركبه، وقال: «الله غني عنه، وأنت أحوج إلى ثمنه». والضرورة: أن لا يجد غيره زائداً على ما يستثنى للمفلس ويركبه(٢) دين أو يحتاج نفقة لنفسه(٣) أو ولده الصغير أو أبويه، وسواء كانا عاجزين أم لا، أو زوجاته، لا إذا احتاج لنفقة سائر الأقارب من غير من ذكر لم يجز بيعه لذلك؛ إذ قد فيه شائبة حرية.
  ومن ذلك أن يحتاج إلى امرأة وهو يخشى إن لم يتزوج التألم أو الضرر أو الوقوع في المحظور أو مباشرة العورة(٤) حيث لا يجوز - جاز له أن يجعل المدبر مهراً ويعقد عليه عقد النكاح، وإن كانت مدبرة وهي لا تدفع الخشية بأن لا تغني عن ذلك فجائز أيضاً أن يجعلها مهراً إن أعنت(٥)، لا إن جوز أنه بها تندفع الخشية. وأما إذا أراد السيد التزويج وهو لا يخشى لم يجز له أن يعقد على المدبر مهراً، إلا أنه إذا عقد على مهر في الذمة جاز له دفع المدبر عما في ذمته.
  تنبيه: وللمدبر قبل الموت - يعني: موت السيد - وقبل البيع لأمر - حكمُ الملك لسيده، فكسبه له كما سيأتي، ويجوز فيه كل تصرف، وإذا لزمته كفارة لم يجز أن يكفر بالصوم؛ إذ هو به مستطيع للتكفير بالأغلظ، ولا تحل له الزكاة إذا كانت قيمته نصاباً ما دام المدبر معه، والله أعلم.
  نعم، وإن كان المدبر مشتركاً بين اثنين فاضطر أحدهما إلى بيع نصيبه [جاز] بيع الكل (فتطيب للشريك) في العبد (حصته) من ثمن العبد (ولو) كان ذلك الشريك
(١) في المخطوطات: البيع.
(٢) في (ب، ج): ويرتكبه.
(٣) في (ج): لنفقة نفسه.
(٤) لفظ هامش شرح الأزهار (٧/ ٤٨٠): أو لخشية أن يباشر عورته من لا يجوز له.
(٥) كذا في المخطوطات وبدون نقط على النون والتاء، ولفظ هامش شرح الأزهار (٧/ ٤٨٠): فلو كانت مدبرة وهو معسر مضطر إلى النكاح فيأتي على قول الفقيه يحيى البحيبح جواز العقد عليها، وعلى قول الفقيه علي¹ لا يجوز؛ لأنه تزيل ضرورته إذا وطئها، ومثله في الحفيظ، فإن لم تزل ضرورته جاز™.