تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان شروط صحة الصلاة

صفحة 324 - الجزء 1

  يتغير تحريه الأول ويظن خلافه. لا يقال: قد حصل له علم الخطأ في بعض الصلاة فتبطل؛ لأنا نقول: لم يحصل له علم، وإنما حصل له ظن فقط، وهو لو وجب الاستئناف لأجله لم يأمن أن يحصل ظن آخر في الصلاة المستأنفة فيجب الاستئناف، ويؤدي ذلك إلى التسلسل، وفي ذلك حرج. وأيضًا لا يقال: قد قلتم: إذا لم يفعل المقصود به عمل بالاجتهاد الثاني، حيث قلتم: «يبطل الظن الأول فيما يستقبله من الصلاة فقط، لا ما قد فعله من الركعات فلا يبطل؟» فهو يقال: هنا يمكنه العمل بالثاني مع بقاء الأول وعدم إبطاله، بخلاف غير هذه المسألة فهو لا يمكن إلا مع إبطال. وأشف جواب هو أن يقال: هنا لا يأمن التسلسل مما قيل في السؤال الأول.

  وأما من يعلم علماً يقيناً جهة القبلة - لا عينها فهو متعذر - فإنه يجب عليه الخروج والاستئناف. وكذا من دخل في الصلاة من دون تحرٍ فإنه يلزمه كذلك الخروج والاستئناف أيضاً، إلا أن يعلم الإصابة بعدُ صحت صلاته؛ اعتباراً بالحقيقة.

  فَرْعٌ: ومن صلى إلى جهةٍ بالتحري، ثم غلب على ظنه خطأُ تحريه وهو في الصلاة ولم يحصل له ظن بالإصابة من أي الجهات الأُخر - فإنه يجب عليه الخروجُ من الصلاة وإعادةُ التحري، فإن حصل له ظن عمل به، وإلا أخَّر إلى آخر الوقت وصلى إلى أي الجهات الأربع شاء. وهذا حيث لا ييأس من إمكان التحري، فإن أيس أتم صلاته إلى حيث شاء، كما يأتي إن شاء الله تعالى في قوله: «ولا تفسد عليه بنحو إقعاد مأيوس»، والله أعلم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.

  قال ¦: (ولا يعيد المتحري المخطئ إلا في الوقت إن تيقن الخطأ) وكذا من يقلد الحي أو المحراب، فهذه أربعة قيود للإعادة: فمن تحرى، وانكشف له الخطأ في متحراه، وكان الوقت باقياً، وتيقن الخطأ - وجب عليه أن يعيد الصلاة، لا بعد خروج الوقت فلا إعادة عليه ولو تيقن الخطأ إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة، لا قبل الفراغ فيعيد مطلقاً ولو قضاء، كواجد الماء قبل الفراغ من الصلاة، فاعتبار «كونه متحريًا» يحترز به ممن صلى بغير تحرٍّ عالماً بوجوبه فإنه يعيد في الوقت وبعده، إلا أن