(فصل) في حكم النية في اليمين، واعتبار اللفظ مع عدم النية، وما يلحق بذلك
  بذلك، ومثل الدار كل معمور له باب وطريق من داخله(١) وتسلق إلى سطحه فإنه يحنث بذلك، لا المعمورات التي لم يكن له باب وطريق من داخله كالمسجد والحمام والدكان والكهوف فإنه لا يحنث إذا تسلق إلى سطح ذلك؛ لأنه لا يسمى داخلاً إليه بالتسلق إلى سطحه، بل بالدخول من بابه. ويعتبر أن يتوارى في الدار وغيرها بكلية بدنه، لا ببعضه فإنه لا يحنث بذلك، والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
  واعلم أن الإمام # قد ذكر هنا خمس مسائل بقوله: (ومنع اللبس والمساكنة والخروج والدخول على الشخص، والمفارقة) فالبر والحنث في هذه تكون (بحسب مقتضى الحال) من اقتضائه الحنث وعدمه، أما اللبس فمن حلف «لا لبس ثوبه غيره» فإنه يحنث متى لبس الغير ثوبه ولو كان اللابس سارقاً أو غاصباً أو لبس بأمر غالب عليه، كمن حنث مكرهاً، فإن كانت نيته لا لبس ثوبه أحد باختياره، ومثله لو نوى لا(٢) كان الحنث إلا باختياره، ففي الصورتين لا يحنث إلا إذا أذن باللبس، لا بلبس السارق والغاصب؛ لأنه لم يأذن، ولم يقع الحنث باختياره، وقد نوى لا(٣) كان الحنث إلا باختياره، وعكسه لو نوى لا لبس ثوبه أحد إلا باختياره فيحنث بلبس السارق والغاصب؛ لأن اللبس وقع لا باختياره.
  وأما منع المساكنة فمن حلف «لا ساكن زيداً في هذه الدار» ولا نية [له] أو نوى لا اجتمعا ووقع التمييز بينهما بحائط بحيث يمتاز كل واحد منهما عن الآخر في السكون - لم يحنث ولو كانا واقفين في دار واحدة؛ لأنه غير مساكن له؛ لحصول التمييز بالحائط، إلا أن تكون نيته لا جمعتهما دار حنث؛ لأنها قد جمعتهما وإن حصل التمييز.
(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٨/ ٥٢) على قوله: «ولو تسلقا إلى سطحها» حيث له باب وطريق من أعلى، لا كسطح المسجد.
(٢) في (ج): لو نواه كان.
(٣) في (ج): نواه، كما في الأولى، وهو تصحيف.