تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز

صفحة 336 - الجزء 1

  يغفل عن الوقت الذي يريد القيام فيه لدرس مكاتبه فإنه يجوز له ذلك؛ وكالمنتظر للصلاة مريداً للاستظلال أيضاً حتى يحضر وقتها، لا الاستظلال مطلقاً ولو قد صار ذلك المسجد في قفر أو نحوه؛ إذ لا يجوز استعماله بشيء ولو خرب، وكالقعود لحاجة خفيفة يعود نفعها إليه خاصة مهما كان تابعاً لطاعة، وإلا فلا.

  ومنها: ما تدعو الضرورة إليه، نحو نزول رجل من المسلمين في بلد لا يجد فيها منزلاً ليبيت فيه أو نحو البيات، فيجوز له البيات مهما لم يجد مباحاً ولا ملكاً من قبل نزوله، فإن حصل الملك أو المباح⁣(⁣١) بعد الدخول وجب عليه الخروج، وإن وجد إجارةً أو عارية أو ملكاً ليشتريه فلا يجب عليه. وإذا كان معه بهيمة من أتان أو غيره، وهو خائف على نفسه أو ماله، ولم يجد موضعاً يوقفها فيه، ولا لنفسه، ولا لهما - فله أن يدخلها المسجد ولو تنجس، وعلى المتولي الإصلاح⁣(⁣٢).

  ومن جاز له الوقوف على هذه الصفة للضرورة جاز له النوم؛ ومن جاز له الوقوف أيضاً في المسجد لضرورة أو طاعة جاز له الأكل فيه على حسب إباحة الوقوف فيه، فلا يجوز لأهل البلد أن يأكلوا مع ضيف المسجد وإن جرت به عادة، ما لم تقترن به مصلحة دينية.

  فَرْعٌ: وأما التشريق للثياب على جدار المسجد فهو لا يحرم كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى في «البصق»؛ لأن المسجد إنما سبل للصلاة، والجدارُ لم يسبّل لها، بل حجز⁣(⁣٣) للداخل إلى موضعها، فلا يحرم إلا قراره وسطوحه⁣(⁣٤)، فالمراد أن جدر المسجد ليس حكمها حكم المسجد؛ لعدم التسبيل لها للصلاة، فيجوز فيها كل ما يحرم في المساجد، إلا أن يعلم تسبيل موضعها بأن يحوط العَرْصة أولاً ويسبل ويبنى من داخلها ويلفظ بتسبيل الجميع للصلاة ويعلم ذلك، فتأمل.


(١) ويليق به. (é). (شرح).

(٢) وعليه الأجرة. وأرش النقص إن حصل. (é).

(٣) في (ج): «حرز».

(٤) في (ب): «وسطحه».