(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز
  مَسْألَة: من سبق إلى بقعة في المسجد فهو أحق بها حتى ينصرف عنها، إلا مع عزم على العود فوراً، كمن خرج لرعاف أو لتجديد وضوء؛ لقوله ÷: «إذا قام أحدكم من محله فهو أحق به إذا عاد إليه»، فإن اعتاده لتعلم أو نحوه كما يقع في مواضع المشائخ من الحلائق الموضوعة لطلب العلم، يكون ذلك الشيخ أحق بها مستمراً حتى يموت أو يضرب عن الحضور فيها، وكذا بعض التلاميذ لو اتخذ مكاناً لدرس مكاتبه في المسجد في وقت مخصوص - كان أحق به في ذلك الوقت، كما يقع ذلك في الأسواق في الحرف فهو أحق من غيره بها، فتأمل.
  مَسْألَة: وإذا سبق إنسان إلى موضع في المسجد للذكر ثم قامت صلاة الجماعة لم يجب عليه التنحي ولو خرم الصف؛ - لسبق حقه - وإن كان تاركاً للأفضل، إلا المحراب فليس له أن يشغله على إمام الجماعة الكبرى - أعني: الراتب - لأنه وضع لذلك، فيكون كموضع التدريس ليس لأحد أن يسبق إليه، وكذا إذا اشتغل المسجد كله بقوم يذكرون الله فإنه لا يجب عليهم الخروج لمن يريد الصلاة.
  مَسْألَة: ويمنع الصبيان والمجانين من المسجد إذا خشي منهم تنجيسه أو أذية من فيه، وكذا النساء لخشية الفتنة والتهمة، وكذا يمنع الكفار من المسجد الحرام وغيره، لعله ولو لمصلحة(١)، وكذا المجذوم ونحوه فإنه يمنع؛ لأنه يؤذي وينفر، والله أعلم.
  مَسْألَة: (ويحرم البصق(٢)) وهو رمي بالريق، وكذا بالحجارة (فيها) يعني: في المساجد، عنه ÷: «إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار» أي: ينقبض ويجتمع. ذكره في النهاية. وقيل: أهل المسجد، وهم الملائكة، يعني: يتأذون. وفي حديث آخر: «ليعلم الذي يتنخم في المسجد أنه يبعث يوم القيامة وهي في وجهه»، قال ابن بهران: ولم أقف على أصله(٣)، وهو يؤيد الحديث الأول. وروي أنه ÷ حك نخامة في المسجد بعرجون [من] النخل، وعصر العبير ولطخها به
(١) بل في الشرح حاشية على هذا لفظها: إلا لمصلحة±.
(٢) والبزق. (é). (شرح).
(٣) قاله ابن بهران في حديث: «إن المسجد لينزوي ..» إلخ كما في شرح الأثمار.