(باب اللباس)
  كما قلنا في المرأة، ويحرم عليها اللمس تبعاً للنظر، وأصل ذلك ما روي عن أم سلمة قالت: كنت عند النبي ÷ وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن ضرب علينا الحجاب، فقال الرسول ÷: «اجتجبا» فقلنا: يا رسول الله، أو ليس هو أعمى لا ينظر؟ فقال ÷: «أعمياوان أنتما؟ ألستما تنظرانه؟» وأقوى منه قوله ø: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[النور ٣١] بعد قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور ٣٠].
  واعلم - وفقني الله وإياك - أن النظر أصل المعاصي، فإنه رائد الزنا، ولولا هو ما تعلق بالقلب ما تعلق من الهوى والجنون، فإنه يبذر ذلك حتى إنه يحصل(١) الغرام، وهو من سهام إبليس، كما جاء عنه ÷: «النظر سهم من سهام إبليس، فمن تركه خوفاً من الله أعطاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه» وقوله ÷: «النظر سهم مسموم» وقوله ÷: «لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك والثانية عليك» وقوله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام: «العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج» فزنا العينان النظر، وزنا اليدين اللمس، وزنا الرجلين المشي، إلى غير ذلك، فاحذر أخي أن تجعل أعضاءك موطناً للشيطان يوقعك بها في مهاوي الهلكات، وفقني الله وإياك لما يرضيه ولاطفنا بلطفه، آمين.
  فَرْعٌ: (و) يجب على المرأة (التستر) يعني: أن تستتر وذلك (ممن لا يعف) من الرجال من النظر إليها، فأصل الوجوب في الكف عن النظر عليه(٢)، ومتى كان غير عاف وجب عليها أن تستتر منه، وأما الرجل فلا يجب عليه أن يستتر من النساء؛ إذ لم يرو عن النبي ÷ أنه أمر أحداً أن يستر وجهه من النساء.
  (و) يجب على المرأة أيضاً التستر (من صبي) بلغ حداً من العمر (يشتهي) النساء (أو) قد صار (يشتهى) للنساء وإن لم يشته؛ لأنها إذا نظرت إليه لا يؤمن وقوعها في
(١) في (ب، ج): يحصد.
(٢) بل عليهما±. (من هامش شرح الأزهار ٨/ ٢٦٩).