(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز
  أحببت من عبادي». وهذا الباب - يا أخي - رأس الإيمان، وهو صعب إلا على من نور الله قلبه، وهو سر من أسرار الله تعالى، وبداية وجوده من العبد بالمجاهدة لنفسه بحق جهادها {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}[محمد] نسأل الله من فضله، اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك.
  وأما الرياء فقال في بداية الهداية(١): اعلم أن أقسام الرياء خمسة:
  الأول: أن لا يفعل الطاعة إلا أن يحضره أحد، وإلا تركها.
  الثاني: أن يفعلها كاملة بين الناس ناقصة في الخلاء.
  الثالث: أن يفعلها كاملة فيهما ثم يتحدث بها.
  الرابعة: أن يفعلها كاملة فيهما ولا يتحدث بها، لكن يشتهي أن يمدح عليها.
  الخامسة: أن لا يشتهي أن يمدح عليها، لكن إن مُدح فرح.
  وقد زيد على ذلك صورة سادسة، وهي: أن يفعل الطاعة ظاهراً وباطناً، ولا يقول باللسان ولا يريد بالقلب، ولا يشتهي مدح الناس، وإذا سمع لم يفرح، لكن يفعل ذلك استجلاباً لمنافع الناس.
  فائدة: لو لم يأمن الرياء في الفروض، ووجد من نفسه الرياء فيها [هل تكون البيوت أفضل في حقها أم لا؟](٢) الأقرب أن ذلك لا يقتضي أن تكون في البيوت أفضل، بل يصليها في المسجد، وعليه مدافعة النفس؛ لأنا إذا جعلنا خوف الرياء عذراً في ترك الأفضل [لزم من ذلك](٣) ترك كثير من الطاعات خشية الرياء، وقد ورد (أن ترك الطاعة خشية الرياء رياء)، ولأن ذلك لو كان عذراً لتسلسل إلى ترك الفروض.
  فائدة: قد يحسن من العبد إظهار الطاعة لوجوه تقتضي الحسن، منها: أن يكون ممن يقتدى به، فيكون من باب الأمر بالمعروف.
(١) لابن بهران.
(٢) زيادة من حاشية في الشرح.
(٣) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.