(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز
  ومنها: أن يكون متهماً، فيدفع عن نفسه التهمة بإظهار كثرة الطاعة؛ فيكون في ذلك زوالها أو تقليلها، وذلك من باب النهي عن المنكر.
  ومنها: أن يكون في إظهارها تأكيد لصحة توبته عند من كان قد اطلع عليه بمعصية قبل التوبة فأراد أن يعرفه بذلك.
  ومنها: أن يكون ممن يدعو الناس إلى الحق، وبإظهار الطاعة الكثيرة يكون أقرب إلى إجابته إلى إقامة الحق وإماتة الباطل، فإن ذلك يجري مجرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  ومن ذلك أن يحضر جماعة في مسجد أو غيره لانتظار الصلاة أو نحو ذلك فيتطوعون بتحية المسجد أو غيرها، فإذا ترك بعضهم التطوع نُسِبَ إلى التقصير والاستهانة بالخيرات، فيحسن منه الدخول في مثل فعلهم؛ دفعاً لهذه التهمة، قال الإمام ¦: ولا يبعد أن يجب؛ لقوله ÷: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم» ونظائر ذلك كثير، والأعمال بالنيات.
  وهاهنا كلام لبعض العارفين فينظر في صحته على اختيار المذهب، قال: أما الالتفات إلى غير الله في أصل الداعي الباعث على العمل فلا رخصة فيه، وأما حب الثناء على العمل الخالص لله تعالى بعد أن عمل خالصاً لوجهه الكريم فلا بأس، وفي ذلك حديث قيس بن بشر التغلبي عن أبيه، عن ابن الحنظلية، وفيه قصة، وفيها: أن رجلاً من المسلمين طعن رجلاً، فقال: خذها وأنا الغلام الغفاري، فقال قائل: إنه قد أبطل أجره. فسئل النبي ÷ فقال: «سبحان الله» وقال: «لا بأس أن يؤجر ويُحمد»، فسر أبو الدرداء بذلك، وجعل يرفع رأسه ويقول: أنت سمعته من رسول الله ÷؟ فيقول: نعم. أخرجه أبو داود.
  ومنه الخيلاء عند لقاء العدو، وعند الصدقة، وقد رخص الله في [حب](١) ذلك حيث قال: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا}[الصف: ١٣].
(١) ما بين المعقوفين من شرح تكملة الأحكام.