(باب النجاسات)
  لا دونه، واللبن والدم قطرة فما فوقها، لا دون ذلك فطاهر؛ فلو التبس هل قد وجد النصاب في هذه أم دونه فالأصل القلة والطهارة فلا يحكم بالتنجيس.
  فَرْعٌ: فلو انفصل دم دون القطرة من كثير فإنه طاهر، ومثله القيء إذا انفصل قليل من كثير فإنه طاهر؛ ولو غرز إبرة بين دم كثير ثم نزعها وبقي فيها دون قطرة فإنها متنجسة؛ لأنا قد حكمنا بنجاستها؛ لدخولها بين النجس، ولا ينجس ما وقعت فيه من سمن أو لبن أو ثوب أو نحوها، والله أعلم.
  فقد ظهر لك أن المخفف من النجاسة يعفى عما دون المحكوم بنجاسته عند الخروج من البدن؛ ولذا قلنا: «يعفى عما دون القطرة من الدم ولو انفصل من كثير»، ومثله القيء قلنا: «يعفى عما دون ملء الفم من المعدة دفعة». ويتفرع على هذا أنه لو تنجس إناء بقطرة دمٍ أو ملء الفم من القيء ثم انفصل عنه تنجس بذلك، ولا يحكم بنجاسة ما راطبه؛ لعدم نصاب النجاسة، كما قلنا في الإبرة لو غرزها في دم أو نحوه، والله أعلم.
  فَرْعٌ: والدم وأخواه جنس واحد، فإذا وقع من الدم ثلث قطرة ثم من المصل كذلك ثم من القيح كذلك في شيء - صار نجساً إذا اجتمعت في محل واحد؛ لأنه جنس واحد، وأما إذا كان ذلك المجتمع إلى النصاب من جنسين كاللبن والدم، أو القيء والدم أو اللبن وصار المجموع نصابًا - لم ينجس فكل(١) واحد منه دون النصاب فإن ما لاقى ذلك طاهر؛ لعدم وجود النصاب للنجاسة من جنس واحد، والله أعلم.
  فَرْعٌ: إذا وقع دم قليل في موضع من البدن أو الثوب، ومثله في موضع آخر منه، ثم كذلك في مواضع منه بحيث لو اجتمع صار كثيراً - فهو معفوٌ(٢) عنه، ولو وقع ذلك الثوب أو البدن في ماء قليل فإنه لا ينجسه، إلا أن ينفصل إليه النصاب كله نجَّسه. وكذا لو وقع ذلك الدم المتفرق في ماء قليل فلعله ينجسه أيضاً. وأما إذا وقع
(١) في (ب): «وكل».
(٢) أي: طاهر. (é). (شرح).