تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل) يذكر الإمام # فيه حكم الشيء المدعى إذا كان في يد أحد المتداعيين أو نحو اليد أو في أيديهما، وكيفية الحكم به، وما يتعلق بذلك

صفحة 633 - الجزء 5

  تنبيه: والحكم للخارج ببينته هو ما إذا أطلقت البينتان ولم يضيفا إلى سبب، وأما لو أضافتا كالشراء مثلاً فإما أن تضيف البينتان الشراء إلى شخصين أو إلى شخص واحد، إن أضافتا إلى شخصين بمعنى أن أحدهما أضاف الشراء من زيد والآخر من عمرو فإنه يكون ذلك الشيء بينهما، ولا فضل هنا للخارج ولا للداخل؛ لأن الشراء من زيد لا يمنع الشراء من عمرو، وإن أضافتا إلى شخص واحد حكم لمن تقدم ملكه إن أرخا أو لمن أرخ منهما، وإن أطلقتا فلمن هو في يده؛ لأن اليد دلالة التقدم، وإن أضاف الداخل إلى شخص ملكه منه وأطلق الخارج فللخارج؛ لأن يد الداخل باقية لم تذهب بالإضافة إلى من أضاف إليه؛ لأن يده يد له، هذا ما تقرر، فتأمله موفقاً إن شاء الله تعالى.

  نعم، فيحكم ببينة الخارج وترجح على بينة الداخل (إلا لمانع) يعني: إلا لمرجح لبينة الداخل فإنه يحكم ببينة الداخل لذلك المرجح، فمن صور الترجيح: لو أدعى شخص على آخر أنه مالك له فأنكر المدعى عليه وقال: «بل هو حر» وأقام البينة على حريته، وأقام الآخر البينة على أنه عبد وأنه مالكه - فبينة مدعي الحرية داخلة؛ إذ يده ثابتة على نفسه، ورجحت على بينة الملك وهي داخلة، والمرجح قوة الحرية؛ إذ لا يطرأ عليها فسخ في دار الإسلام.

  ومن صور ذلك: لو مات شخص في دار الإسلام وله ورثة مسلمون وورثة كفار، وادعى كل واحد من الورثة أنه مات على ملته، فإنه يحكم بالشهادة التي شهدت أنه مات مسلماً وترجح على شهادة أنه مات كافراً، ولو كانت الشهادة بموته مسلماً ذميين وشهادة أنه مات كافراً مسلمين؛ لأن الذين شهدوا بالإسلام شهدوا على كافر، وشهادتهم عليه مقبولة؛ لما كانوا على ملته⁣(⁣١).


(١) ومثل هذا في البيان (٥/ ٢٧٧) وهامش شرح الأزهار (٨/ ٣٢٢)، مذهباً، ولكن سيأتي قريباً في هذا الجزء: فرع: ولا تقبل شهادة ذميين على ذمي أنه أسلم ... إلخ، وما سيأتي مذهب أيضاً في هامش شرح الأزهار (٨/ ٤٥٩) فينظر.