(فصل) يذكر الإمام فيه من تلزمه اليمين ومن لا تلزمه، وحكم اليمين والنكول، وما يرد من الأيمان وما لا يرد
  بعد الحكم، وكذا تسمع إلى رد(١) اليمين، فتأمل. وكذا النكول أيضاً عن اليمين المردودة فإنها تسمع منه بعد أن نكل عنها (و) إذا حلف المدعى عليه اليمين الأصلية سمعت (البينة) من المدعي (بعدها) يعني: بعد اليمين، فلا تكون اليمين مانعة من إقامة البينة ولو شاهداً ويمين المدعي؛ لقوله ÷: «البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة» وقد روي لأمير المؤمنين كرم الله وجهه في الجنة، وسواء حَلَّف المدعي المدعى عليه عالماً أن له ذلك أو لا (ما لم يحكم فيهما) فإنها لا تسمع البينة بعد الحكم، أما الحكم بعد النكول فظاهر، وهو أنها لا تسمع اليمين من المدعى عليه بعد أن نكل عنها وحكم عليه بالحق، وأما البينة بعد اليمين الأصلية فذلك إذا كان مذهب الحاكم ناصريّاً أن اليمين تقطع الحق فلا تسمع البينة، أو كان المدعي قد أبرأ المدعى عليه إن حلف أو قطع عنه الحق والدعوى إن حلف فلا تسمع البينة بعد اليمين، وعلى أحد هذين الوجهين يحمل كلام الأزهار «أن البينة لا تسمع بعد الحكم باليمين الأصلية»، وأما إذا لم يكن مذهب الحاكم ذلك بل كان هدويّاً مثلاً ولم يقطع المدعي من المدعى عليه الحق والدعوى فالحكم بعد اليمين الأصلية للمدعى عليه إنما هو لتقرير يده على المدعى فيه فتسمع البينة بعد ذلك، وهو الصحيح، فتأمل.
  مَسْألَة: (ومتى ردت) اليمين الأصلية (على المدعي) فهي كالبينة، فلا يحكم بها على مسلم من كافر، وتقبل على مثله، فإن حلف حكم له بالحق؛ إذ هي كالبينة، وإن نكل عنها فلا حق له، وتقبل منه بعد النكول لو أراد أن يحلف المردودة. وإنما تلزم اليمين المردودة إن ردها المدعى عليه على المدعي في حق الآدمي المحض، لا في حق الله تعالى فلا تلزم المدعي، بل يحلف الأصلية المدعى عليه أو يثبت الحق إن نكل إن كان يحكم(٢) في ذلك بالنكول، وإلا حبس حتى يقر أو يحلف.
(١) في المخطوطات: ردت.
(٢) في المخطوطات: الحكم. والصواب ما أثبتناه.