(فصل) يذكر الإمام # فيه كيفية التحليف، ومسائل تتعلق بالأيمان
  وأظل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى ورفع فوقكم الطور». والمجوس: «بالله الذي خلق النار»؛ إذ يعبدونها، وأما الصابئ والملحد فيحلفون: «بالله الذي خلقهم»؛ إذ لا ينكر أن الله هو الخالق أحد من الناس، بشهادة: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف ٨٧].
  فائدة: الملحد هو النافي للصانع، ولعله لا يخالف إقرارهم بأن الله خلقهم أولاً، فتأمل، هكذا وجّه. والزنديق: هو الذي يجعل لله ثانياً، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا. والوثني: هو الذي يعبد الأوثان، وهي الأصنام.
  وقول الإمام #: «يتميز به عند الحالف» يعني: يعظم عنده، لا التمييز فهو متميز كما تقدم، فيخرج بذلك ما لو حلف اليهودي «بالله الذي أنزل القرآن على محمد ÷» فهذا وصف لا يعظم الله به عند الحالف واعتقاده(١) لتكذيبهم ذلك، فإن فعل لم تصح اليمين ولا تنعقد، ولعله يقال: ما الفرق بين حلف المجبر: بالله خالق الأفعال، مع كونه وصفاً باطلاً وهذا الذي لا يعتقد الحالف مدلوله مع كون ما يقول به حقاً، حيث قلنا في يمين المجبر بذلك تنعقد ولا يكون توكيداً، وهذا لا ينعقد أصلاً مع أن الوصف صحيح؟ ولعله يجاب بأن يقال: إن ذلك الوصف لما(٢) كان باطلاً في نفس الأمر وهو كون الله تعالى خالقاً للأفعال فهو ملغي، فلا معنى لذكره، وتنعقد اليمين. وفي وصف الذمي يقول: «منزل القرآن»، فلما لم يكن ذلك الوصف عنده صحيحاً فهو غير حالف في اعتقاده، فلا تنعقد يمين رأساً، فتأمل، والله أعلم.
  فَرْعٌ: ولا يجوز أيضاً التحليف باليمين الزبيرية، وسميت زبيرية لأن الحالف بها أولاً مصعب بن الزبير(٣) فنسبت إليه، وقد روي أن يحيى بن عبدالله حلَّف بها المذكور فجذم
(١) كذا في المخطوطات.
(*) في (أ): واعتقادهم.
(٢) في المخطوطات: ما. ولعل ما أثبتناه الصواب.
(٣) الذي حلفه يحيى بن عبدالله # اسمه عبدالله بن مصعب، وفي (أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله) أن اسمه بكار بن مصعب بن ثابت الزبيري.