(فصل) يذكر الإمام # فيه كيفية التحليف، ومسائل تتعلق بالأيمان
  الذي قد أبرأ منه، وهي الحيلة فيمن أبرأ من الدعوى وأراد أن يستوفي الحق أن يملك ذلك الحق الغير بنذر أو نحوه فإذا عاد إليه كان له أن يدعي، فافهم، والله أعلم. (و) كذلك (لا) يسقط الحق (بفعلها) يعني: بفعل اليمين (إن بين) المدعي (بعدها) يعني: بعد اليمين، فلا يمنع المدعي من إقامة البينة بعد يمين المدعى عليه(١)؛ لأنه إذا تعذر [الحق] على من له استيفاؤه بوجه فله استيفاؤه بوجه آخر، وهو هنا البينة؛ لتعذر الأول، وهو النكول عن اليمين، وقد تقدم هذا للإمام، وإنما أعاده ليستثني منه قوله: (إلا) أن يحصل ما يوجب براء المدعى عليه من الحق، وهو (أن يبرئه) المدعي من الحق (إن حلف)(٢) وطلب منه اليمين (فحلف) بعد طلبها سقط الحق(٣) بذلك إن كان ديناً، وإن كانت عيناً بريء من ضمانها وصارت أمانة، وهذا إذا حلف (قبل) أن (يبين) المدعي أو قبل حكم الحاكم، فأما لو حلف بعد أن بين المدعي وحكم له فلا حكم ليمينه وإن طلبها المدعي، إلا أن يطلبها بعد البينة قبل الحكم وحلف سقط الحق.
  فَرْعٌ: فإن طلب المدعى عليه أن تستوفى منه اليمين المعلق بها الإبراء ليبرأ من الحق(٤) كان للمدعي أن يمتنع من استيفائها [قبل طلبه لها]؛ لأنها حق له، فإن حلف من دون طلب المدعي فلا حكم ليمينه؛ لأن ذلك حق للمدعي، إلا أن يطلبها ثم يتمرد من استيفائها ناب عنه الحاكم في الاستيفاء، فتأمل، والله أعلم.
(١) في المخطوطات: المدعي. وما أثبتناه الصواب.
(٢) في الإبراء من الحق وجوه أربعة: الأول: أن يقول: أبرأتك من الحق إن حلفت. الثاني: أن يقول: أبرأتك من الحق على أن تحلف. وهذان الوجهان هما المذكوران في الأزهار. الثالث: أن يأتي به على سبيل الوعد، نحو: احلف وأنا أبرئك، فلا يبرأ ولو حلف. الرابع: أن يقول: أبرأتك من الحق واحلف أو فاحلف، فيبرأ ولا يجب عليه الحلف، وللمبرئ الرجوع في البراء إذا كان قصده بالبراء على أن يحلف ولم يحلف وصادقه أو بين بذلك، ويكون الرجوع فوراً في المضمر، وإذا مات قبل الرجوع كان لوارثه الرجوع. (من البيان (٥/ ٣١٥) وشرح الأزهار (٨/ ٣٦٧) وهامشيهما باختصار وتصرف).
(٣) في (ب): مسقطاً الحق، وفي (ج): مسقطاً للحق.
(٤) في (ج): ليبرأ بها الحق.