تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): يتضمن شروط صحة الإقرار ومن يصح منه الإقرار ومن لا يصح

صفحة 671 - الجزء 5

(كتاب الإقرار)

  الإقرار: ضد الإنكار لا نقيضه؛ إذ قد يرتفعان بالسكوت. وحقيقة الإقرار: هو إخبار المكلف عما في نفسه⁣(⁣١) أو عن موكله بحق يلزم.

  ودليله من الكتاب العزيز قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ١٤}⁣[القيامة] يعني: شاهدة، والشهادة على النفس هي الإقرار. وأصرح منها في الاستدلال عليه قوله تعالى: {ءَأَقْرَرْتُمْ قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا}⁣[آل عمران ٨٢].

  ومن السنة قول النبي ÷ وفعله، فقوله هو: «من أتى شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حق الله» يعني: حده. القاذورات: جمع قاذورة، وهي هنا الفعل القبيح والقول السيئ⁣(⁣٢)، والمراد هنا ما فيه حدٌّ كالزنا والشرب. والقاذورة من الرجال: الذي لا يبالي بما يصنع⁣(⁣٣). والصفحة: باطن الأمر، والمراد ما فعل مما لم يعلم به أحد، ومنه أخذ من الخبر أنه يندب لمن فعل فاحشة أن يكتمها، وإن لم يكتمها لم يأثم؛ لأن النبي ÷ لم ينكر على من أقر عنده.

  وأما فعله ÷ فإنه رجم ماعزاً في قضية والعامرية في قضية أخرى. العامرية بالمهملتين الراء والعين، وفي رواية: والغامدية بغين معجمة ودال مهملة.

  والإجماع ظاهر على سبيل الجملة. والقياس أيضاً؛ فإنه إذا حكم على الإنسان بشهادة غيره فأولى بشهادة نفسه، وأيضاً تدعو الضرورة إلى العمل بالإقرار؛ إذ لو منع العمل به لم يمكن الإنسان أن يتخلص عما عليه في وصية ولا في غيرها.

(فصل): يتضمن شروط صحة الإقرار ومن يصح منه الإقرار ومن لا يصح

  واعلم أن الإقرار (إنما يصح) ممن جمع شروطاً خمسة:

  الأول: أن يصدر (من مكلف) فلا يصح إقرار الصبي والمجنون، ويصح من المميز إن كان مأذوناً فيما أذن فيه كما يأتي، فإن أقر المميز ثم ادعى عدم الإذن فالقول له


(١) في شرح الأزهار (٨/ ٣٧١): عن نفسه.

(٢) في (ب): «المشين».

(٣) في النهاية (٤/ ٢٨) وهامش شرح الأزهار (٨/ ٣٧١): الذي لا يبالي ما قال وما صنع.