(فصل): في ذكر ألفاظ يتعلق بها أحكام في الإقرار
  الدية عليه.
  ومثل الإقرار بفرع الثبوت في أنه يكون إقراراً قوله: (أو طلبه) يعني: أو طلب ما هو فرع الثبوت، كما مثلنا لو طلبت المرأة المدعى عليها [الزوجية] الطلاقَ من المدعي للتزويج، وطلب المدعى عليه الرق العتقَ من المدعي. وكذا لو ادعى عليه ديناً فقال: «أجلني، أو أحل علي»، لا لو قبل الحوالة فلا يكون قبولها إقراراً؛ لتجويز أنه قبلها تبرعاً. ومن ذلك أن يطلب منه المصالحة فيما ادعاه به ابتداء قبل تقدم الإنكار، لا لو طلب الغير المصالحة بينهما بعد تقدم الإنكار أو قال المدعى عليه: «صالحني فيما ادعيت» فلا يكون إقراراً؛ إذ قد يطلب الصلح تفادياً بعد الإنكار. ومن ذلك أن يقول المدعى عليه للمدعي: «اقعد لأزنها لك» بعد أن طلبه العين كان إقراراً، لا لو قال بعد أن طلبه: «اتزنها» فلا يكون إقراراً؛ إذ هو هزؤ منه، ففرق بين اللفظتين، فتأمل.
  (أو نحوهما) يعني: نحو الإقرار بفرع الثبوت أو طلبه، وهو الجواب بـ «نعم» بعد الطلب، نحو أن يقول له: سلم لي ثوبي هذا، فيقول المدعى عليه: «نعم» فكأنه قال: نعم هذا ثوبك، فكان إقراراً، وكذا لو قال: «أعطني ثوب عبدي، أو سرج دابتي، أو باب داري»، فقال المطلوب منه: «نعم» فمع الإشارة إليهما - يعني: الثوب والعبد، كأن يقول: «هذا الثوب ثوب عبدي هذا» - فالجواب بـ «نعم» إقرار بهما، وإن كانت الإشارة إلى أحدهما فإن كانت إلى الأصل وهو العبد والدابة والدار كان إقراراً بهما، يعني: الفرع والأصل، وهو العبد والثوب، ويلزمه تسليم الأصل المشار إليه وما يطلق عليه اسم الثوب، وإن كانت الإشارة إلى الفرع - وهو الثوب فقط - لم يلزم بعد قوله: «نعم» إلا الفرع فقط، وهذا لجري العرف بأن «نعم» جواب لمثل هذا الطلب، وكذا نحوها لجري(١) العرف بالجواب به، فإن لم يجر عرف بذلك لم يكن الجواب بها إقراراً. فإن امتثل المطلوب [منه] ولم ينطق بالجواب بنعم لم يكن الامتثال إقراراً إلا من متعذر النطق.
(١) لعل الصواب: مما جرى.