(فصل): في بيان حكم اختلاف الشاهدين:
  لما اعتبر فيها اللفظ اعتبر اللفظ في المشهود به. مثال الاتفاق على القدر لفظاً ومعنى: أن يشهد أحدهما أن فلاناً أقر أو أبرأ أو باع أو أجر فلاناً مائة، ويقول الآخر: «مائة وخمسين» فالمائة قد اتفقا عليها - أعني: الشاهدين - لفظاً ومعنى، فتلزم المائة (غالباً) احترازاً من أن تكون شهادة أحدهما لم تشملها دعوى المدعي، كأن يدعي أنه أقر [له] بألف، ويشهد واحد بألف، والآخر بألف وخمسمائة، فمن شهد بالألف والخمسمائة لم تشمل الدعوى شهادته، فلا تلزم الألف وإن اتفق عليها الشاهدان لفظاً ومعنى؛ لذلك، ولا تكون شهادة من شهد بالألف والخمسمائة جرحاً؛ لأنه ليس بكاذب فيها، فتصح شهادته إذا رجع إلى مثل شهادة صاحبه، وكذا لو زاد ادعى المدعي ألفاً وخمسمائة صحت شهادته مع شاهد آخر وأعاد الأول شهادته في الألف والخمسمائة، وقد مثل الإمام # ما اتفق عليه الشاهدان لفظاً ومعنى بقوله: (كـ) أن يشهد أحدهما بـ (ألف مع) شهادة الآخر بـ (ألف وخمسمائة) فقد اتفقا على الألف لفظاً ومعنى فيلزم الألف، ويكمل المدعي شهادته على الخمس مائة؛ إذ لم يكن فيها إلا شاهد واحد. ونعني باتفاق اللفظ أنه يصح أن يعبر بأحدهما عن الآخر، كألف وعشر مائة، فيصح إذا شهد أحدهما بألف والآخر بعشر مائة، وكذا لو شهد أحدهما بألف والآخر بمائة ثم مائة ثم مائة حتى كملت عشر مائة صح؛ إذ هو يعبر عن الألف بلفظين: باسم ألف، ومائة ومائة إلى عشر، وأما لو شهد أحدهما بعشر مائة والآخر بخمسمائة فلا تكمل بخمسمائة؛ إذ لا يطلق عليها لفظ العشر المائة، ومثل هذا ما أشار إليه # بقوله: (لا) إن شهد أحدهما بألف والآخر بـ (ألفين) فلم تكمل الشهادة على الألف؛ لأن الشاهدين لم يتفقا على الألف لفظاً، وإنما اتفقا عليه معنى، وهو لا يكفي في كمال الشهادة كما قلنا فيما لو شهد أحدهما بخمسمائة والآخر بألف فلم تكمل في الخمسمائة؛ لعدم الاتفاق عليها لفظاً، (و) من أمثلة ما اتفقا عليه لفظاً ومعنى قوله: و (كطلقة) يعني: شهد أحد الشاهدين أن الزوج طلق المرأة طلقة (و) الآخر شهد أنه طلقها (طلقة مع طلقة) فقد اتفقا على الطلقة لفظاً ومعنى،