(فصل): في بيان حكم اختلاف الشاهدين:
  وقد يدعي البائع الأقل من الثمن والمشتري الأكثر، وذلك لو كان المشتري قد سلم الثمن ثم فسخ المبيع بوجه من الوجوه فيدعي أن الثمن ألف وخمسمائة، والبائع أنه ألف فقط، وأحد الشاهدين يشهد بألف والآخر بألف وخمسمائة - ثبت كون الثمن ألفاً، ولا يلزم البائع أن يرد إلا ذلك القدر، إلا أن يكمل المشتري شهادته أن الثمن ألف وخمسمائة لزم ذلك، فتأمل.
  (وأما) إذا اختلف الشاهدان (في مكان) لفعل (أو زمان) لفعل (أو صفة لفعلٍ) بأن قال أحدهما: «فَعَلَ - من قتل أو جرح أو نحوهما - في مكان كذا أو في زمان كذا، أو مختاراً أو مكرهاً، أو قاعداً أو قائماً» أو نحو ذلك من سائر صفات الأفعال، ويخالفه الشاهد الآخر في شيء من ذلك فسيأتي الحكم في ذلك عند تمام هذه الصور(١) المتعاطفة، فيبطل ما خالف دعواه، فيكمل المطابق لدعوى المدعي للمكان أو الزمان أو الصفة. «غالباً» يحترز بها من اختلاف الشاهدين في الشهادة على ما يوجب حد الشرب بأن شهد أحدهما على الشم والآخر على القيء فلا يضر الاختلاف في ذلك كما يأتي(٢) وإن كانت هذه - صورة غالباً - لا تناسب ما نحن فيه من الاختلاف في الصفة؛ إذ ليست من ذلك، فتأمل.
  (قيل) ذكره ابن أبي العباس في كفايته، ومعناه: أن اختلاف الشاهدين فيما مر (أو) اختلفا في مكان أو زمان(٣) (عقدِ نكاح فقط) لا غيره من العقود - أن ذلك في عقد النكاح يوجب عدم كمال الشهادة؛ معتبراً من(٤) أن الشهادة شرط في صحة عقد النكاح فلا تكمل مع الاختلاف في الزمان أو المكان، بخلاف سائر العقود فلم تكن الشهادة شرطاً فيها فلذا لا يضر. والمقرر للمذهب أن النكاح
(١) في (أ): الصورة.
(٢) في المخطوطات: كما مر.
(٣) وأما إذا اختلفا في صفة عقد النكاح فأهل المذهب يوافقونه أنها لا تكمل كما يأتي.
(٤) كذا في المخطوطات، ولفظ الغيث كما في هامش شرح الأزهار (٨/ ٥٠٢): وإنما فرق بين النكاح وسائر العقود ... إلخ.