تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان حكم اختلاف الشاهدين:

صفحة 44 - الجزء 6

  كغيره من سائر العقود، فاختلاف الشاهدين⁣(⁣١) في مكانه أو زمانه لا يضر؛ لتجويز أنه وقع عقدان؛ إذ لا مانع من ذلك. إلا أن⁣(⁣٢) الشاهدين إذا اختلفا في صفة عقد النكاح، كأن يشهد أحدهما بالصحة والآخر بالفساد فلا تكمل، وهو المختار للمذهب.

  (أو) اختلف الشاهدان (في قول مختلف المعنى) كما يأتي مثاله [فإنها لا تكمل] (لا) إذا اختلفا في متفق المعنى فلا يضر (كحوالة وكفالة) بأن شهد أحدهما أن فلاناً حويل من فلان، أو المدعى عليه⁣(⁣٣) كفيل عن فلان؛ إذ الكفالة تنقلب حوالة مع شرط براءة الأصل، فكانا متفقين في المعنى يصح أن يعبر بأحدهما عن الآخر (و) كذا (رسالة ووكالة) لو قال أحد الشاهدين: «إن فلاناً رسول لفلان يقبض كذا من فلان» والآخر: «إنه وكيل بالقبض من فلان» فهما كذلك لا يضر اختلاف الشاهدين في ذلك، وسواء أطلق الدعوى في ذلك أم بين أحدهما فإن الاختلاف في ذلك لا يضر.

  لا يقال: قلتم فيما مر: لا تكمل الشهادة مع الاختلاف في اللفظ وإن اتفق المعنى، كألف وألفين، فهذا مثله اختلفا لفظاً حوالة وكفالة فكان القياس لا يكمل وإن اتفقا معنى، فالجواب: أن اختلاف اللفظين هنالك يؤدي إلى اختلاف المعنى، فإن لفظ «ألفين» غير موضوع للألف ولا مفيد فائدته، بخلاف الكفالة والحوالة أو الرسالة والكفالة فإنهما عبارتان موضوعتان لشيء واحد؛ إذ المراد للرسول والوكيل هو قبض الحق من المرسَل إليه أو الموكل عليه، وكذا في الكفالة والحوالة، فصار ذلك كما لو شهد أحدهما بالعربية والآخر بالفارسية فيصح مع الاختلاف في العبارة.


(١) في المخطوطات: الشاهد.

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) كذا في المخطوطات، ولفظ البيان (٥/ ٤٦٢): يشهد أحدهما بدين عن حوالة والثاني بدين عن كفالة.