تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الأوقات)

صفحة 369 - الجزء 1

  والكراهة للتنزيه، فتصح معها، إلا أن تلجيء الضرورة إلى ذلك زالت الكراهة، كأن يكون في مفازة، أو يخشى من ظالم، أو تغير ريح - زالت الكراهة، أو نحو ذلك. وأما التجهيز والغسل والتكفين فلا يكره شيء منها في أي وقت كان. (و) كذا يكره أيضاً صلاة (النفل في الثلاثة) الأوقات المكروهة؛ لنهي النبي ÷ عن الصلاة فيها، روى عقبة بن عامر قال: نهانا رسول الله ÷ عن ثلاث ساعات أن نصلي فيهن، وأن ندفن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وذلك الارتفاع قدر رمح، يعني: قدر الرمح جميعه على المختار، وقدره سبعة أذرع - وحين يقوم قائم الظهيرة⁣(⁣١) حتى تميل، [وحين تضيف الشمس] للغروبِ حتى تغرب. ووجه الكراهة في هذه الثلاثة الأوقات: أنها تطلع بين قرني شيطان، وكذا تغرب بين قرني شيطان، وعند قائمة الظهيرة تستعر⁣(⁣٢) النيران.

  والمراد بقرني الشيطان: جانبا رأسه. وقد يقال: قرني الشيطان قوته، يعني: أنها حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط، فكأنه كالمعين لها. وقد يقال: المراد بين أمتيه الأولين والآخرين، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها وغروبها، فكأن الشيطان سوّل له ذلك، فإذا سجد⁣(⁣٣) لها كان [كأن] الشيطان مقترن بها. وتقدير الكراهة في هذه الثلاثة الأوقات: أما عند طلوعها فذلك إلى قدر رمح كما مر، وأما عند قائمة الظهيرة فذلك عند الالتباس هل قد زالت الشمس أم لا، وأما عند غروبها فذلك عند الاصفرار لنورها، ولعله يقدر بأن لا يبقى بينها وبين مغربها إلا قدر رمح⁣(⁣٤) كطلوعها، وهو قريب.

  نعم، فيكره النفل في هذه الثلاثة الأوقات، والكراهة للتنزيه - فلو نذر بصلاةٍ في الوقت المكروه لزم على أصل المذهب؛ لعدم التحريم ويدخل في ذلك سجدات


(١) الظهيرة: شدة الحر. وقائمها: هو أن البعير يكون باركًا فيقوم من شدة حر الأرض. (شرح)

(٢) في المخطوط: تسعر.

(٣) في المخطوطات: سجدوا، والمثبت من النهاية.

(٤) المقرر قدر± ربع منزلة. (شرح).