(باب الصلح)
  لفظ البيع أو الإجارة في الأعيان والمنافع، ولا ينعقدان بلفظه. والصلح الجائز الذي يثبت حكمه (إنما يصح) إذا كان إما (عن الدم(١) أو) عن (المال) فقط، فلا يصح فيما عدا هذين الأمرين، كالمصالحة عن حد أو نسب أو حق كالمتحجر والشفعة والمرور ونحو ذلك مما لم يكن دماً أو مالاً، فإن صالح عن الحق كعلى سقوط الشفعة أو على ترك الخيارات سقط ذلك الحق ولا يلزم ذلك العوض، إلا خيار العيب فيصح أخذ العوض عنه ويلزم؛ لأنه نقصان جزء منه.
  تنبيه: وحيث يصالح عن الدم يصح الصلح ويسقط القصاص ولا يلزم العوض؛ إذ هو عن حق، وأما الدية أو الأرش فيما دون النفس من الأطراف فلا تسقط؛ إذ الدية أصل آخر على الصحيح، فالمصالحة عن القصاص لا تكون عن الدية.
  والمال المصالح عنه إما أن يكون (عيناً) ويشترط أن تكون في يد غير مالكها، (أو ديناً) في ذمة المصالح، فالمصالحة(٢) صحيحة، ولا فرق بين العين والدين.
  نعم، والمصالحة (أما) أن تكون (بمنفعة) من خدمة عبد أو سكنى دار أو نحو ذلك (فكالإجارة) تلك المصالحة سواء، تصح بما تصح وتفسد بما تفسد، ولا يفتقر [إلى] لفظ الإجارة هنا، فإذا قال: «صالحتك عن ثوبك الذي عندي، أو دراهمك التي في ذمتي، أو خدمة عبدك الذي تستحق أجرتها علي بسكنى داري سنة» فهي هنا بمعنى الإجارة في الثلاثة الأطراف: حيث يكون المصالح عنه عيناً أو ديناً أو منفعة، والمصالح به فيها(٣) جميعاً منفعة.
  (وأما) إذا صالحه (بمال) دفعه إليه عند عقد المصالحة (فإما) أن تكون المصالحة (عن دين) لا عين (ببعضه) لا بكله (من جنسه) لا من غير جنسه (فكالإبراء) هذه المصالحة مهما اجتمعت الثلاثة القيود، ولا تفتقر إلى قبول، ومثال اجتماعها:
(١) حيث يجب القصاص، وإلا فهو عن مال. (é) (من هامش شرح الأزهار ٨/ ٦٩٣).
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) في المخطوطات: فيهما.