(فصل): في بيان ما يجب على الحاكم، وما يندب له، وما يحرم عليه
  به الحاكم فللحاكم رفع الصوت عليه دون الآخر. ويسوي بينهم في الدخول عليه والجلوس في مجلسه، ولا يفرق في ذلك كله بين المؤمن والفاسق، والرفيع والوضيع، والقوي والضعيف، وسائر الناس في ذلك على السواء.
  عنه ÷: «من ابتلي بالقضاء بين الناس فليعدل بلفظه ولحظه والإصاخة وإشارته ومقعده ومجلسه، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لم يرفع على الآخر» (إلا بين المسلم والذمي) والكافر من غيره فلا تجب التسوية بينهما (في المجلس) فقط، لا في سائر الأمور، فيرفع مجلس المسلم على مجلس الكافر ولو كان المسلم فاسقاً، ووجهه ما روي أن أمير المؤمنين وجد مع نصراني درعاً فعرفها، فقال علي #: (الدرع درعي ولم أهبها ولم أبعها) فقال النصراني: الدرع درعي، وما أنت يا أمير المؤمنين بكاذب، فترافعا إلى شريح قاضي أمير المؤمنين، فطلع أمير المؤمنين كرم الله وجهه إلى شريح فقال: (يا شريح، لو كان خصمي مسلماً لجلست معه، ولكني سمعت رسول الله ÷ يقول: «صغروهم كما صغرهم الله تعالى، وإذا كنتم معهم في طريق فألجئوهم إلى مضائقه» وخصمي نصراني) ثم ادعى علي # الدرع فأنكر النصراني، فقال شريح: هل لك بينة يا أمير المؤمنين؟ فقال: (لا). فقال شريح: الدرع درعه. فقال أمير المؤمنين: (أحسنت)، فأخذها النصراني وانصرف ومشى غير بعيد ثم رجع فقال: أمير المؤمنين يمشي إلى قاضيه، وقاضيه يقضي بالحق، هي - والله - أحكام الأنبياء، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ÷ وأنه درعك يا أمير المؤمنين، تبعت الجيش وأنت صائر إلى صفين فجررتها من حقيبة بعيرك الأورق»، فقال أمير المؤمنين: (أما إذا أسلمت فهي لك) ثم حمله على فرس من أفراسه ... بتمامه(١) [فرزق الشهادة يوم النهروان](٢).
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) ما بين المعقوفين من ج، وهو حاشية في (أ، ب).