(باب والقضاء)
  (و) الثامن والتاسع والعاشر: (الحكم والأمر بالتسليم والحبس له) وإنما تجب هذه الثلاثة من الحاكم (إن طلب(١)) منه ذلك، وإلا فلا، أما الحكم فهو إنما يجب بعد الطلب حيث لا يصل المدعي إلى حقه إلا به، نحو من يدعي على غيره شيئاً وأنكره ثم بين [به]، أو طلبت منه يمين الرد عليه فحلف، أو نكل المدعى عليه عن اليمين الأصلية، فيجب الحكم حينئذٍ، فأما من طلب الحكم له في شيء في يده يريد به تقرير ملكه على وجه الاحتياط فلا يجب الحكم له، فإن حكم لم يكن له ذلك إلا على وجه تقرير اليد فقط كما مر في فصل: «ومتى كان المدعى في يد أحدهما».
  وصفة الحكم أن يقول: «حكمت، أو نفذت، أو ألزمت، أو ثبت عندي، أو صح عندي، أو ثبت لدي، أو تقرر، أو وقع أو لزم» أو نحو ذلك مما يفيد ذلك.
  فَرْعٌ: وللحاكم أن يترك الحكم إن خشي مضرة من أحد الخصمين، ولا يحكم بغير الحق للخشية، فترك الواجب أهون من فعل المحظور، ولا يبيحه إلا ما مر من خشية قتل أو نحوه مما مر.
  وأما الأمر بالتسليم فظاهر، ولا يكون الأمر بالتسليم حكماً، بل لا بد من لفظه كما مر. والأمر بالتسليم أيضاً كالحكم يكون بعد الطلب، فإن أمر أو حكم قبل الطلب جاز وإن لم يكن طلب؛ إذ المرافعة قرينة الطلب لذلك. وأما الحبس للمحكوم عليه فهو يجب بعد الطلب أيضاً، وحكم النساء في ذلك كالرجال، لكن يجب تمييزهن(٢) عن حبس الرجال؛ لوجوب(٣) سترهن خشية الفتنة. وبعد الحبس لا يخرجه حتى يسلم الحق أو يرضى خصمه أو يتبين إعساره، وإذا كان الخصم وكيلاً لغيره فيما تعلق به الحقوق كالثمن والأجرة يحبس أيضاً. وأما المعزر فإخراجه إلى الإمام لا [إلى] من حبس لأجله.
(١) لفظ الأزهار: طلبت.
(٢) أي: تمييز مكان حبسهن.
(٣) في المخطوطات: كوجوب. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٩/ ٣١).