(باب والقضاء)
  الأصوات، ولأن الحائض(١) ونحوها والكافر لا يمكنهم الوصول إليه، ولنهيه ÷ عن الخصومات في المساجد. وأما الفتوى وتعليم القرآن والعلم فجائز بالإجماع إذا لم يشغل مصلياً. وكذا يكره للحاكم القضاء في يوم الجمعة؛ لندب فعل المأثور فيها، وهل تكره قراءة العلم في يوم الجمعة أم ذلك لأجل الدعة والترفية؛ إذ لم يرد في ذلك نهي يدل على الكراهة، وقراءة العلم في يوم الجمعة وغيرها من فضائل الأعمال الصالحة، وإنما ترك ذلك لتأثير فعل المندوب من الترفيه ونحوه(٢).
  (و) اعلم أن (له) يعني: للحاكم (القضاء بما علم) من الأمور، سواء علمه قبل [تولي] القضاء أم بعده؛ لقوله تعالى: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء ١٠٥] والقاضي بعلمه هو [قاضٍ بـ] ما أراه الله تعالى. ويكون ذلك جائزاً له لا واجباً، إلا إذا خشي فوت الحق وجب، وينظر هل يجب بعد الطلب(٣)؟ وكذا يحكم بما ظن في الأمور الخمسة المتقدمة في الشهادة التي يشهد عليها بالظن، وهي: النسب، والنكاح، والموت، والوقف، والولاء، فيحكم فيها بظنه، (إلا في حد) فلا يحكم فيه بما علم؛ لأنه يدرأ بالشبهات، وقد يجد شبهة لو قامت به الشهود (غير القذف) فهو متعلق به حق الآدمي فيصح أن يحكم فيه بعلمه وإن كان حداً، وأما السرقة فيحكم فيها بعلمه لأجل المال، لا لأجل الحد، ويصح أن يكون فيها لأجل الحد أحد الشهود، وينطق بلفظ الشهادة. وأما التعزيرات فيحكم فيها بعلمه جميعها، سواء تعلق بها حق لآدمي أم لا، وهو ظاهر الأزهار؛ إذ لم يستثن إلا الحد لا التعزير، فتأمل.
  (و) كذا يجوز للحاكم أن يحكم (على غائب) من بلده إذا كانت غيبته عنها
(١) في المخطوطات: ولا الحائض، والمثبت كما في هامش شرح الأزهار (٩/ ٣٩). وهذا في هامش شرح الأزهار حجة من قال بالتحريم.
(٢) في المخطوطات: ونحوها.
(٣) يجب كما في هامش شرح الأزهار (٩/ ٤٠).