(باب) الأذان والإقامة
  قال الزمخشري ¦: [وقيل:](١) فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب، لا بالوحي(٢) - أعني: بالسنة - وحدها. وهي نزلت في بعض أهل الكتاب كانوا إذا أذن المؤذن قالوا: أذنوا لا أذنوا، وإذا أقام المسلمون للصلاة قالوا: قاموا لا قاموا، وإذا صلوا قالوا: صلوا لا صلوا؛ يتضاحكون بينهم تنفيراً عن الصلاة، واستهزاء بالدين وأهله، فنهى الله عن موالاتهم، ويروى أنهم كانوا يتضاحكون إذا أذن للصلاة يقولون: صوت كصوت العير(٣)، فقد ابتدع محمد شيئاً لم يسبقه إليه أحد، ولو كان خيراً لكان الأنبياء قبله أحق به، وكان بالمدينة نصراني كان إذا سمع «أشهد أن محمد رسول الله» قال: أحرق(٤) الله الكاذب(٥)، فحرق هو وأهل بيته.
  ودليل الأذان من السنة قوله ÷: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن» وفي معنى ضمانة الإمام: أنه لما كان يعاقب على ما لو أخل بشرط أو فرض كان كالضامن، ومعنى أمانة المؤذن - أقرب ما يتوجه به -: أنه أمين على الأوقات، فلا تخلو(٦) أمانته من تقديم أو تأخير أو تقصير في النظر في الأمارات.
  والإجماع لا خلاف في شرعية الأذان، وهو معلوم وجوبه من الدين ضرورة.
  ودليل الإقامة فعل الرسول ÷، والصحابة وذريته(٧) [من](٨) بعده.
  وقد شرع الأذان لغير الصلاة ندباً في مواضع يجمعها قوله:
  سُن الأذان لسبع قد تضمنها ... بيتان إن تحفظهما نفعا
  أذن الصغير، وفرض، والحزين، وفي ... صرع، كذلك بعد الموت قد شرعا
  خلف المسافر، والغيلان سابعها ... فاحفظ لسنة من للدين قد شرعا
(١) ما بين المعقوفين من الكشاف.
(٢) في الكشاف وهامش شرح الأزهار نقلاً عنه: لا بالمنام وحده.
(٣) في (): «البعير».
(٤) في (ب): «حرق».
(٥) في الكشاف وغيره: حرق الكاذب.
(٦) في المخطوط: تخل.
(٧) في المخطوط: من ذريته.
(٨) ساقط من (ج).