(باب حد القذف)
  فَرْعٌ: فإن زاد في الحد على العدد المشروع فهو يكون كالجنايات، فيكون الضمان لما قد حصل من الجناية بمجموع الضرب نصفين ولو لم يزد إلا ضربة واحدة على الثمانين، وذلك حيث يكون التأثير بمجموع المتعدى فيه وغيره وكان كل ذلك مؤثراً لو انفرد، فإن كانت الضربة الزائدة لا تؤثر لو انفردت فلا شيء في ذلك، والله أعلم.
  (و) المقذوف إما أن يكون حياً أو ميتاً، إن كان حياً فإنه (يطلب للحي نفسه) لا يستنيب غيره إلا بحضرته كما مر في الوكالة، ولا ينوب وليه عنه لو جن، ومتى أفاق طلب لنفسه (ولا يورث) لو مات؛ إذ ليس بمال ولا يؤول إليه، فأشبه خيار القبول في النكاح، وسواء مات قبل العلم أم بعده، وسواء كان قبل الرفع إلى الحاكم أو بعد الرفع والثبوت؛ لأن من شرطه حضور الأصل، وقد جاء عن أمير المؤمنين(١) كرم الله وجهه: (الحد لا يورث) فثبت ما قلناه من عدم الإرث ولو لم يمت إلا بعد الرفع والثبوت، فتأمل.
  (و) أما إذا كان القذف(٢) (للميت) حال القذف فإنها تثبت المطالبة لوليه في النكاح في الأنثى، وفي الذكر يقدر لو كان أنثى لكان ذلك المطالب وليه في النكاح، وذلك هو (الأقرب فالأقرب) فلا تثبت مطالبة للأبعد مع وجود الأقرب (المسلم المكلف الذكر الحر) فهذه أربعة قيود، فلا تكون المطالبة إلى ذلك القريب إلا إذا كانت الأربعة حاصلة فيه، فلو كان كافراً أو صغيراً أو مجنوناً أو كانت أنثى أو كان عبداً لم تكن له ولاية في ذلك، بل تنتقل إلى من بعده الجامع لها، فإن لم يكن فإلى الإمام كما يأتي.
  نعم، والمعتبر أن يكون بهذه الصفة حال المرافعة إلى الحاكم، لا قبل ولو حال القذف فلا عبرة به، فلو كان حال القذف جامعاً للشروط ثم تغير حاله وقت المرافعة لم تكن له الولاية، وكذا العكس لو كان كافراً أو عبداً أو صبياً أو مجنوناً
(١) في الكشاف (٣/ ٢١٤) وهامش شرح الأزهار (٩/ ١٢٢): عن رسول الله ÷.
(٢) في المخطوطات: المقذوف.