(باب حد القذف)
  (و) اعلم أنه (يتعدد) الحد على القاذف (بتعدد المقذوف) سواء قل أم كثر وكن منحصرات(١)، وإلا عزر فقط. وينظر برء القاذف من الجد الأول ثم يقام عليه الثاني. ولتعدد المقذوف صور: من ذلك ما مثل به الإمام بقوله: (كـ: يا ابن الزواني) فإذا قال رجل لغيره: «يا ابن الزواني» كان ذلك قذفاً لأمهات المخاطب وإن كثرن [وزدن] على الثلاث مهما أمكن تعرف حالهن بالإحصان، وإلا حُدَّ لمن عرف حالها أنها محصنة دون المجهولة، وإذا لم تعلم حالة واحدة منهن لم يحد، ويعزر فقط، ولا يحد لحواء &؛ لجواز أن المقذوفات غيرها ممن لم يعرف حالها من الأمهات. ويطالب للأم الأولى إذا كانت ميتة ولدها هذا المخاطب، وإن كانت حية طالبت لنفسها، وسائر الجدات يطالب لهن من إليه الولاية من غير هذا الابن؛ إذ هو من ذوي الأرحام فلا ولاية له، ولعل الجدات من قبل الأب لا يدخلن لأجل العرف.
  ومن ذلك أن يقول لجماعة: «يا بني الزواني» فإما أن تكون أمهن واحدة أو متفرقات، إن كانت واحدة فكما لو كان المخاطب واحداً يحد للأم الأولى ولمن عرف حالها من الجدات من قبل الأم، وإن كانت أمهاتهم متفرقات حد لأمهاتهم، وتطلب كل واحدة لنفسها إن كانت حية، وإن كانت ميتة طلب لها وليها، ولا يدخل أحد من الجدات في هذه الصورة.
  إن قيل: ما الفرق ففي الصورة الأولى تناول الجدات دون هنا؟
  قلت: هنا لما كان المخاطب جماعة أمهاتهم متفرقات فقد أمكن حمل اللفظ على الأمهات، ولا يتعدى غير الأمهات مع إمكان حمل لفظ الجمع عليهن؛ إذ الأصل عدم القذف لمن عداهن، وفي الصورة الأولى لم تكن الأم إلا واحدة فلم يمكن حمل لفظ الجمع عليها، فلا بد من انضمام غيرها ليصدق لفظ الجمع، وليس أحد من الجدات أخص من غيرها، فدخلن جميعاً مهما أمكن تعرف حالهن كما مر.
(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٩/ ١٢٦): وكان منحصراً.