(فصل): في ذكر ما يثبت به القتل، وما لولي الدم من القاتل، ومسائل تتعلق بذلك:
  ومع المشاهدة أو الإقرار أو التواتر مع اتفاق المذهب يستوفي حقه من دون حكم، ولا يقال: قد قلتم: «وليس لمن تعذر عليه استيفاء حقه حبس حق خصمه ولا استيفاؤه إلا بحكم»؛ لأنه هناك غير حقه فافتقر إلى الحكم في تملك ملك الغير عن ما على الغير له، وهنا يستحق(١) لدم ذلك المقتص منه، فهو مستحق للعين، فأشبه العين المغصوبة للمغصوب عليه أخذها ولو من دون حكم، فافترقا.
  فَرْعٌ: وإذا علم أحد الشركاء في الاقتصاص بأحد الطرق دون الآخرين لم يكن له أن يستوفي؛ لأنه لا يستحق إلا البعض، وهو متعذر استيفاؤه؛ لعدم صحة تبعيضه.
  وإذا شهد شاهدان ولم يحكم الحاكم فقتله الولي من دون حكم ثم حصل الحكم بعد الاقتصاص لم يقتل المقتص؛ لانكشافه بالحكم مستحقاً وإن تأخر.
  (و) الثلاثة الأمور التي يثبت له أحدها: الأول: (أن يعفو) عن الجاني عن القصاص (ويستحق الدية) منه وإن قد عفا عن القصاص؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة ١٧٨]؛ لأنهما أصلان لا يسقط أحدهما بسقوط الآخر ولو بالعفو، وكذا الدية لو عفي عنها فلذي الحق أن يطالب بالقصاص. ويستحق الدية بالعفو عن القصاص (وإن كره الجاني) وهو المعفو عنه عن القصاص - عفو ذي الحق عن الاقتصاص، وكان يحب أن يقتص منه فلا حكم لاختياره للاقتصاص؛ لأن الحق للمقتص، فإذا عفا عن القود استحق الدية وإن كره الجاني.
  فَرْعٌ: لو عفا أحد الشركاء في الاقتصاص عن الاقتصاص واقتص الآخر من الشركاء فالمقتص إما أن يكون عالماً بعفو شريكه وعلم أيضاً أن العفو من أحد الشركاء مسقط للقصاص [أو جاهلاً، إن كان عالماً فإنه] يقتل بمن قتله، وللعافي
(١) لعلها: مستحق.