(فصل): فيما ينفذ من التصرفات من رأس المال وما ينفذ من الثلث باعتبار اختلاف حال المتصرف وما يتعلق بذلك
  مقيد بإجازة الوارث فإنه ينفذ منه الثلث وإن لم يجز كما مر. وإنما ينفذ من رأس المال بالإجازة إذا كان ذلك المجيز (غير مغرور) من جهة أحد، فأما إذا كان مغروراً فإنه لا ينفذ من رأس المال، كأن يطلب منه الإجازة للوصية على أنه أوصى بمائة(١) فأجاز وانكشف أن الوصية مائتان فلا حكم لإجازته، وينفذ من الوصية الثلث فقط، وكأنه لم يجز. وكذا لو كان الإيصاء بالثلث مقيداً بإجازة الوارث فيطلب منه الإجازة فيه فأجاز فانكشف أن الوصية بالنصف فلا ينفذ إلا الثلث فقط، وما حصل فيه التغرير لا حكم للإجازة فيه. فأما لو أجاز ظاناً لذلك من دون أن يغرر عليه أحد فإنه ينفذ جميع الوصية ولو زادت على الثلث؛ لأن ذلك إسقاط حق، وهو لا يفرق فيه بين العلم والجهل، وينفذ ذلك ظاهراً وباطناً. وكذا لو طلب منه إجازة النصف من غير تدليس ولا تحقير فأجاز ظاناً أنه مائه فانكشف ألفاً فإنها تنفذ الوصية في الألف بإجازته ولو جهل القدر مع عدم التغرير بالتحقير؛ لأن الإجازة تنصرف إلى صريح السؤال، وهو النصف وإن كثر، فلا يصح الرجوع منه في تلك الإجازة.
  فَرْعٌ: ومن مات من الورثة ولم يجز ثم أجاز وارثه صحت إجازته. وإذا مات الوارث قبل الإجازة ولا وارث له لم ينفذ من الوصية إلا الثلث؛ لأن الموصي مات وله وارث ولم تحصل إجازة، فيكون الثلثان هنا لبيت المال انتقالاً من الوارث الذي مات ولا وارث له، وموته أيضاَ ليس بإجازة، والله أعلم.
  نعم، والإجازة من الوارث للوصية إسقاط حق لا تمليك؛ فتصح (ولو) كان الوارث (مريضاً) حال الإجازة إذا مات الموصي قبل الوارث، وإلا لم تصح؛ لأنه تبين أن المجيز عين وارث إذا أعقبه وارث آخر، وإلا نفذ من رأس المال لعدم الوارث (أو) كان ذلك المجيز (محجوراً) عليه التصرف من جهة الحاكم فإنها تنفذ إجازته لما قلنا من أنها إسقاط حق، وهذا حيث تكون الإجازة قبل موت الموصي،
(١) صوابه: على أنه أوصى بمقدار النصف وانكشف أن الوصية بمقدار الثلثين.