(فصل): في تنفيذ الوصية ومن يصح الإيصاء له وبما يصح الإيصاء وأحكام تتعلق بذلك
  وعرف القصد منه، وأما لو عرف أن قصده الصدقة أو أن يحجج عنه ولم يلفظ بشيء فإنه لا يفعل ذلك، ولا يجوز للوصي أن يعمل ما عرف من مراده حينئذٍ إن لم يصدر منه لفظ يبيح ذلك التصرف، ولا حكم لما في النفس مع عدم اللفظ بالمرة؛ إذ الوصية من جملة العقود الشرعية، فكما لا يثبت حكم عقد شرعي من دون لفظ ممن يمكنه اللفظ فكذلك الوصية (ما لم يكن) الذي أوصى به أو عرف من قصده أمراً (محظوراً) لا يجوز فعله شرعاً فإنه لا يجب على المتولي تنفيذه، بل لا يجوز؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وذلك نحو أن يوصي للبغايا(١) [على الإطلاق] أو للفساق [عموماً] أو للمحاربين، وسواء كان ذلك لمعين أو لغير معين؛ لأنه لا يعطى ذلك إلا في حال فسقه أو محاربته باعتبار لفظ الموصي إذ قال: للمحارب، فليس كالوقف(٢) على الذمي المعين؛ إذ يتجوز منه التوبة، وهنا لو قال: للمحارب وإن جوز منه التوبة فهو لا يعطى ذلك(٣)؛ إذ قد نزع عن المحاربة، وهو لم يفرض له إلا معها؛ ولذا قلنا: ولو معيناً، وكذا في الفاسق. وكذا لو أوصى لذمي بمصحف أو دفتر فيه ذكر رسول الله ÷ أو شيء من شريعته فإنه لا يصح؛ لأنهم يستخفون بذلك، فلا يصح تمليكهم إياه لا بوصية ولا بغيرها، وكذا كتب التوحيد؛ لما ذكر، ولعل كتب النحو ونحوها إذا لم يكن فيها ذكر رسول اله ÷ ولا شيء من شريعته فإنه(٤) يجوز، وقد لا يتصور خلو كتاب عن ذلك.
  (و) اعلم أنها (تصح) الوصية (بين أهل الذمة) من اليهود أو النصارى أو غيرهم وهم في ذمة المسلمين، وذلك (فيما يملكون) من الأشياء وإن كانت لا
(١) إلا لواحدة معينة فتصح؛ لجواز أن تتوب، حيث لم تكن لأجل بغيها. (é) (من هامش شرح الأزهار ٩/ ٣٩٥).
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) كذا في المخطوطات.
(٤) كذا في المخطوطات.